صفاء الفحل تكتب: بين الحلال والحرام شعرة
استغلال الزواج لأغراض سياسية من خلال (الزيجات الجماعية) أمر ابتدعه النظام السابق وواصلت فيه اللجنة الأمنية رغم أنه يحمل أحياناً رسائل خاطئة ويوصف الحال الذي وصل إليه شبابنا لدرجة أنه لم تتوفر لديهم امكانية لإكمال (نصف الدين)، وبكل اسف فإن عدم المقدرة على الزواج مؤشر لعدم المقدرة على تحمل المسئولية وتحمل اعباء المعيشة الصعبة ، فالزواج ليس رقصاً وطرباً ولكنه مشوار طويل له حسابات عميقة ولا أريد العودة لفشل العديد من الزيجات التي تمت خلال ذلك العهد فالأمر يحتاج لدراسة متكاملة .
وقد يكون الأمر مخيفاً للفتيات وضعفاء الايمان.. موظفة في قسم الاحصاء بمستشفي القابلات امدرمان كشفت لي بأن نسبة ولادة الفتيات مرتفعة جداً مقارنة بالذكور وقد تصل أحيانا الى ثمانية فتيات مقابل إثنين ، ويبدو أن هذه الإحصائية دفعت بعض الأسر لسرعة التخلص من بناتها و تحولت جلسات (التعارف)أحياناً لعقد قران (عديل كده) بين خجل أهل العريس وتسرع اهل العروس..
نعم الزواج بصورة عامة يعتمد على ارضاءات متعددة أهمها (الرضى والقبول) لإرضاء النفس أو إختيار شريك الحياة ثم الاجراءات ثم الأمور الاخرى المتبعة عادة كالمهر لإرضاء العروس واهلها كأمر شرعي ملزم ثم عقد النكاح الشرعي الديني لإرضاء الرب وأخيراً الاحتفالات والولائم (الدخلة) كإشهار وارضاء للناس او المجتمع كمرحلة أخيرة ..
هذه الارضاءات قد تاتي حسب المقدرة المالية والظروف المحيطة على دفعات فيتم دفع المهر الرمزي واكمال عقد القران مثلاً وتأجيل عملية العزومة أو الاحتفال او ما يسمى بالدخلة أو الاشهار حتى تحسن الأحوال وغالباً ما يكون الإنتظار لحين تحسن الأحوال المادية للعريس أو لظروف مرتبطة بعمل الزوج خارج الوطن أو خلافه ..
ولكن تظل الفترة ما بين عقد القران والدخلة من الفترات الحساسة في حياة كل فتاة ، ففي هذه الفترة تكون محللة للزوج (دينيا) محرمة عليه (اجتماعياً) في بلد يسود فيه العرف ويكون أقوى من الدين أحياناً ..
هذه الفترة تخللتها حكايات لفتيات وأسر ومشاكل كان حسن النوايا هو السائد غالباً بهروب الزوج قبل اكتمال المرحلة الأخيرة وقد تكون الفترة قد استسلمت لزوجها (شرعاً) بصورة سرية ويهرب الزوج ويترك زوجته المفترضة لتواجه مصيرها وحدها وقد تكون (حبلى) ليكون الوليد محلل شرعاً ومحرم إجتماعياً ..مواقف صعبة عاشتها فتيات وأسر شهيرة عفيفة بسبب ذلك الأمر وصلت أحياناً الى القتل أو النفي أو الانتحار هذا اذا لم تصل الى المحاكم والطلاق للغيبة من بعض ضعاف النفوس أو الفضيحة على أقل تقدير..
ويظل ما بين الحلال والحرام (شعرة) لا تشدوها حتي تنقطع ولا ترخوها حتى لا يقع الفأس في الرأس ولا تزوجوا بناتكم خشية إملاق فالله يرزقهم واياكم و(أحبو) بناتكم ولا ترموا بهم في نيران الزيجات (الجماعية) فالدخول السهل يفتح أبواب الخروج السهل حتى لا تقولوا يوماً إنكم آسفون
عصب من الأدب:
الكاتب أريك سيغال يقول في روايته الخالدة (قصة حب)
الحب هو ألا يكون لنا أبداً أن نقول إننا آسفون .
الثورة ستظل مستمرة.
والقصاص للشهداء أمر حتمي.
ولانامت أعين المتخازلين.
صحيفة الجريدة
مصدر الخبر