السياسة السودانية

صرخة وطن: نداء لوقف نزيف السودان

عبدالله جمعه

يعيش السودان هذه الآونة في أخطر أزماته على مر تاريخه المعاصر بسبب الحرب الأهلية الدائرة، والانهيار الاقتصادي المزلزل لأركان الدولة، والتفكك الاجتماعي المدمر للمجتمع السوداني. وهذا مما لا يدعو مجالاً للشك سيهدد كيانه كدولة، ولا يمكن الخروج من هذا النفق دون أن يحاول الشعب السوداني بكل مكوناته، بعيداً عن أي جهوية أو حزبية أو عنصرية أو أي أغراض أخرى، رفع هامة الوطن وإخراج شعبه من فوهة بركان الحرب المستعر ليجد حلولاً جذرية لعلاج جذر المشكلة، ليضمد جراحه التي ظلت تنزف بدماء تغير لون النيل إن صبت فيه.

أس الأزمة:

هذه الحرب المضرمة نارها بين الجيش والدعم السريع أدى لهيبها إلى حريق شامل، وتشريد الملايين من دخانها، واقتصادها صار رماداً تذروه الرياح. فالمشهد العسكري قد طغى على المشهد السياسي فجعله في شتات، وأصبحت البندقية هي التي تتحدث، والتدخلات الخارجية ذات المصالح تعقد الحلول، بينما تتفاقم الأوضاع الإنسانية في المجتمع السوداني، فأصبح كالأطيار يفر من وكناته في ساحات الفضاء الفسيح من دوي المدافع الذي ينافس صوت الرعود في خريفها.

وبنظرة مواطن حفرت الدموع أخاديد في خده ويتحدث وكأن همه وغمه عن وطنه قد أعياه، قد يسمعها من ناله ما نلته فيرفع كف الدعاء لربه بأن يتحقق ما أقول:

الحلول المقترحة:

  • وقف فوري للحرب: أن تسمع آذان المتحاربين بصرخاتنا بوقف الحرب فوراً من أجل هذا الشعب المغبون، وذلك عبر سلام عادل يهدف إلى وقف هدير المدافع ورسم حدود الأمن والأمان والاستقرار بكل مناحي الوطن. السلام هو الجرعة الوحيدة التي ستذيب الأحقاد والضغائن بين الفصائل المتحاربة ما لانهائية بحول الله.
  • إعادة هيكلة الجيش ونزع سلاح الميليشيات: دمج المليشيات تحت مظلة الجيش القومي تحت سيادة الشعب، وإلا أصبحنا دولة تديرها عصابات مسلحة. فالحركات المسلحة التي تدعي أنها أحد أكتاف الجيش ما هي إلا ألغام تحت أقدام الشعب.
  • تشكيل حكومة انتقالية مدنية: خالية من أي جهوية أو حزبية لتحقيق قاعدة صلبة لحكومة مدنية مرتقبة، بهدف إصلاح شامل وتحقيق العدالة والمصالحة الوطنية، مع اعتبار المحاسبة للجناة ومن أجرم في الوطن وشعبه أياً كان.
  • إنقاذ الاقتصاد: العمل جهاداً ليلاً ونهاراً لإنقاذ الاقتصاد من خلال استعادة موارده وتقنينها وتوجيهها حسب مصالح الدولة، وليس لصالح توجهات حزبية أو عرقية أو جهوية. وجندلة الفساد دقيقه وجُله، والنداء والهتاف لتشجيع الاستثمار لجميع القطاعات الإنتاجية.
  • تعزيز الوضع الإنساني: تنشيط وتشجيع قطاعات المجتمع المدني عبر برامج إغاثية لتشجيع إعادة بناء الخدمات الأساسية لعودة النازحين والمهجرين.
  • بناء صرح سياسي وطني: على الشعب أن يفزع لأرضه التي شققها هدير المدافع وسالت في شقوقها دماء شعبنا. علينا ببناء صرح سياسي لا يتسلق جدره المتسلقون من الخارج أو يخرشه من يخرشه من الداخل، ولتكن علاقاتنا على كل الأصعدة متوازنة بحيث تحافظ على سيادة الوطن وعزة وكبرياء شعبه.

دور الإعلام: وفي ظل هذا الوضع المأساوي، يلعب الإعلام الحر والمستقل دورًا حاسمًا في كشف الحقائق، ومحاسبة المسؤولين، وتوعية المواطنين، وتعزيز الحوار الوطني.

وأخيرا،  الوطن بحاجة إلى إرادة وطنية حقيقية لإنهاء هذه الحرب العبثية، ورتق صدع الاقتصاد، وبناء دولة عادلة ومستقرة. هذه الحلول ليست ترفاً، بل ضرورة ملحة لإنقاذ الوطن من الانهيار. حان الوقت ليتكاتف جميع السودانيين، بمختلف انتماءاتهم، لإنقاذ وطنهم من هذا المصير المظلم. المستقبل بين أيدينا. وإلا، دون حرصنا على علاج هذه العلة بحكمة، ستكون حلول الرصاص كما العرجاء التي تصر على العروس تعليم رقصة عرسها.


المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى