السياسة السودانية

زاهر بخيت الفكي يكتب: أأنت سرقت يا هذا..؟

قالوا أنّ فناناً صنع تمثالاً وأسماه مسؤول، ووقف في السوق يُنادي: المسؤول بجنيه، المسؤول بجنيه، قرِّب واشتري المسؤول بجنيه، جاء ضابط السوق ووقف عنده وسأله، هذا التمثال صنعته أنت فقال نعم يا سيدي، فسأله وبڪم السعر..؟ رد الفنان بجنيهٍ فقط، فقال له معقول لماذا هذا السعر الرخيص، من ماذا صنعته؟ فقال من ماءٍ ورملٍ وزبالة، !! فهاج الضابط وماج واعتقل الفنان وجرّه للحبس، فضربوه وعذبوه، ومن ثم اطلقوا سراحه شريطة أن لا يصنع ويبيع مثله مرة أخرى، وبعد فترة رجع الفنان للسوق لبيع تماثيله، وصار يُنادي المواطن بجنيه، المواطن بجنيهٍ واحِد، فجاء إليه الضابط مرة أخرى، واقترب منه وسأله، بڪم سعر المواطن..؟ فأجاب بجنيه واحدٍ يا سيدي ، فهتف الضابط ممتاز ومن أي المواد تمت صناعتِهِ ؟ فأجاب الفنان: من ماءٍ ورملٍ فقط سيدي فسأله الضابط ولماذا لاتوجد زبالة؟ فقال الفنان: إذا وضعنا زبالة بالخلطةِ يُصبح مسؤول يا سيدي !!!

بلادنا عزيزي القارئ أودع المولى سبحانه وتعالى فيها، كُل ما يُبقي إنسانها عزيزاً مُكرماً على أرضِها، وابتلاها بمن ظنّوا أنّ ما في باطنها وظاهرها حقٌ خالصٌ لهم يجب أن لا يُشاركُهُم فيه الغير، سُبحان الله ما من مسؤولٍ ساقته الصُدفة إلى مقعدٍ من مقاعدِ السُلطة إلّا وصدق بأنّ حواء لم تنجب غيره، وما يُحق لها أن تفعل ذلك، وما منهم من أحدٍ سلّموه قلماً للسُلطة في يومٍ من الأيام، إلّا وظنّ أن القلم سيظل في يده للأبد، ولا ينبغي لغيره أن يستخدموا هذا القلم في وجوده، ومن أعنيهم هُنا على قفا من يشيل، لا يحتاج عزيزي لأن أدلكُم عليهم، فهُم بينكم في ملماتكم، يشغلون حيزاً كبيراً في مجالسكُم يُحدثونكم بانجازاتِهم (الوهمية).

أحدهُم هاتفني مُعاتبا، بأنّي قد أشرتُ إليه في مقالٍ لي بسوء، واخبرني باسم المقال، الذي لم أكُن أعني به أحد بعينه، إنّما هو مقال ناقد بشدة للفعل لا للفاعِل، فعند الحديث عن الفساد والسرقة مثلاً فمن غير المعقول الاشارة في عمودٍ منشور في صحيفة مُحترمة لزيد اللص أو عبيد المُحتال، إنّما نُشير للفساد العام، والذي لم يُنكر وجوده في زمانٍ مضى حتى القادة الكبار، والصُحف لم تخلو يوماً من أخبار الفساد الموثق والمُعترف به من الجميع، لدرجة أنّهم أسسوا له مؤسساتٍ وهيئات لمُحاربته.
سألت الرجل أأنت فعلت شيئاً مما أشرت له في زاويتي..؟
فأورد لي قصص وحكايات حدثني فيها عن الشرِف والأمانة، وعن عفةِ يده عندما كان مسؤولا، وحتى بيته (الوحيد) في ذلك الحي الراقي أسسه من عرق جبينه طوبة طوبة على أرضٍ أهديت له، وحتى سيارته (الفارهة) كانت بالأقساط، طيب مالك رأس السوط وصلك ولا شنو، فهاج وماج، وقال لي إنت عارف أنا حجيت كم مرة..؟
فلم أسأله.

صحيفة الجريدة

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى