السياسة السودانية

رسالة الي الدعامة.. “بيوت في السودان عمرها أكتر من مائة عام”

عثمان نقد. عليه رحمة الله قال مرة في المواصلات عفص رجل واحد بالخطاء واعتذر ليه فصاح فيه الرجل غاضبا (انتو جيتو من وين؟) …

فرد عليه ببرود اولاد امدرمان المعهود ( *عمود الكهرباء الجمب بيتنا مكتوب فيه ١٩١٩ لكن بيتنا عمره كم مافي زول عارف* )..

بيوت الجالوص والطوب الاحمر وعرش الخشب المبطن بالبروش وعرش المارسيليا المبطن بالخشب..

بيوت شهدت مقاتل المهدية وصراعات الحركة الوطنية والنضال ضد الانجليز وضد الانظمة الدكاتورية في اكتوبر وابريل وحملات الانتخابات ودست المتظاهرين في اكتوبر وابريل وديسمبر..

وبيوت الحيشان ام دواوين وباب الرجال الفاتح نهار وليل وباب النسوان المتاكا وبيت الطلبة وغرف الضيوف ومدة الصينية الكبييرة بالحيطة..

بيوت كانت نوادي ثقافية سياسية واجتماعية في لمات بعد المغارب وجلسات الشاي والشراب وحفاظات الموية الباردة وسرامس الشاي تطاقش..
بيوت شالت فراش بكا الجيران وفرح اعراس الحبان..

بيوت صدحت منها الزغاريد واهتزت بالكوراك واطربها صوت “هنا امدرمان” بي اغاني الحقيبة والحان الكابلي وعثمان حسين وتنسمت عبق ترتيل الشيخ صديق احمد حمدون وتفسير بروفسير عبد الله الطيب وقصائد علي المك وحكايات دكان ود البصير و “ركن الاطفال يقدمه عمكم مختار” والانصات لنشره الوفيات بعد اخبار الساعة ٦ و ٣ و ٧ مساء،

بيوت فيها كل الناس سواسية لا فيها قبلية لا جهوية ولا بتعرف جارك جنسوا شنو لكن اقرب ليك من ود امك البعيد، الحلة ما فيها دا غرابي ودا دنقلاوي ودا حلفاوي. فيها ناس فريق تحت وناس فريق فوق، المسيحيين بشيلوا الفاتحة واولاد المسلمين زمان قروا في “خلوة بولس” والهنود (النهبتو بيوتهم الان)..

اجيال عايشين معانا في أمان وتجارتهم مزدهرة ومحتفظين بي ثقافتهم ولبسهم وبقروا اولادهم في المدرسة الهندية في الملازمين ولكن بتكلموا سوداني زي الطلقة،
بيوت حلقات دلائل الخيرات وقراية الراتب والنور البراق..

بيوت اتجمعوا فيها الشباب والصبيان للنفير وغرف موية المطرة ومرقوا مع بعض لحفر القبور ولمباركة العيد وللكورة في ميدان الرابطة وللمظاهرات والسينما والحفلات..

بيوت فيها “الجنازة جنازة الحلة” والجار اهل والاهل احباب والبكا بحرروا اهلوا و الفُراش بشيل نفسوا ( بالكشف ).. وصواني الغداء الطالعة من بيوت الجيران لخيمة العزاء، العرس في الحلة فرحتوا في كل البيوت، ..

بيوت بريحة الحبوبات والحنّة والمحنّة وقلية البن وعواسة الحلومر في رجب وشعبان وريحة بخور الصندل والخمرة.. بيوت بطعم كعك العيد الصغير وشربوت الضحية والصحانة الطالعة من بيت وداخلة بيت تخيت في الحلة زي بنات المداعي، بيوت الرحمة والرحمتات.

بيوت شافت ولادات وسمايات وحفلات للصباح وجنازات مهيبة ونسوان كتار يبكن بحرقة قاعدات جم الباب الكبير مستنين رجوع العنقريب !!! ولحد اليوم ما فاهم لي بستنو العنقريب ؟؟؟ بيوت صبر واجر ومصابرة وسترة حال..

بيوت لن تدركوا قيمتها فهي اثمن من الذهب واقيم من المال الذي عنه تبحثون مهما استبحتموها او سكنتموها ومهما تهدمت او هجرت فهي في وجداننا معاني ومباني.

د. عبد المحمود النور

عبد المحمود محمود
عبد المحمود النور


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى