رحلت أم أفريقيا.. رحلت سعاد
رحم الله البروفيسور سعاد الفاتح البدوي السيدة الفاضلة العاملة المجاهدة ..
لم تكن رحلة حياتها من صباها وحتى آخر لحظة إلا عمل وأمل وكفاح .. لم تكن تعمل لنفسها أو لأسرتها .. كانت تحمل هموم الفقراء والأرامل والمحتاجين.. كانت مهمومة بتمكين المرأة ورفعتها.. كيف لا وهي من أوائل النساء اللائي تخرجن في جامعة الخرطوم .. ومن الأوائل اللائي نالن درجة الأستاذية ومن اوائل البرلمانيات .. كيف لا وهي أم أفريقيا..
جمعتي بالراحلة الكبيرة علاقة طيبة وممتدة وكنت شاهدا على كثير من نشاطات منظمتها التي بنتها ورعتها خدمة للشرائح البسيطة .. ورأيت بعيني كيف هي مهمومة بهم الآخرين.. عرفت عن قرب كيف أنها هي امراة لا ترتاح امرأة عاملة حتى آخر لحظة وشعارها في الدنيا (قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنين ) لم تكن سعاد من الراغبات في المظاهر ولم تبحث عن الشكر أو الشوفونية في حياتها العامرة والباذخة.. ولم تكن تبحث إلا عن رضى الله ..
هاتفتها قبل أشهر .. وجدتها بذات الحماس المعروف عنها لم يكسرها عامل المرض أو السن .. قالت لي اني مريضة .. وسرعان من بدأت تحدثني عن مشاريعها القادمة وطلبت مني بعض الأشياء لتنفيذها.. اتفقنا على لقاء بعد تماثلها للشفاء .. ولم يكن ذلك إلا اليوم في مقابر البكري في وداعها المر والفاجع..
لقد اطفأت امدرمان انوارها وأعلنت الحداد على سيدة النساء.. كل مكان في أمدرمان يحكي قصة عن سعاد .. البرلمان .. مجلس الولايات.. منظمة معين .. حي الأمراء حيث ميلادها ومسكنها.. كل مكان يحدثنا عنها ..
فقدنا سيدة لا تعوض ولا تتكرر ولكنها سنة الحياة .. وهو الموت الحقيقة الوحيدة التي لا تقبل الجدال..
اللهم ارحم سعاد بقدر ما قدمت وبرحمتك التي لا تحدها حدود .. اللهم أسكنها فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله..
محمد أبوزيد كروم
مصدر الخبر