دوار العودة القمرية – سودان تريبيون
الجميل الفاضل
من طبائع الاستبداد ينشأ لدي صنائع الدكتاتوريات الكبرى.. وربائبها الذين تربوا في حجرها وكنفها ما يشبه “دوار البحر” الذي يصيب ركاب السفن التي تمخر عباب المحيطات والبحار الواسعة العريضة، وبالطبع هي حالة تلعب بالرؤوس الي حد تختل فيه معايير الاشياء، لدرجة تحجب حتى رؤية الحقائق البديهية التي لا تحتاج في العادة إلى عبقرية خارقة.
ولأن أطول واعتي وأقسي دكتاتورية، مارست البطش، والتشريد، والقمع، والتنكيل، ضد شعبنا، وبلا هوادة.. هي دكتاتورية “الحركة الإسلامية” التي حكمت البلاد لثلاث عقود أو أكثر.
فإن دوارا يبدو أنه قد لعب ايضا بعقول “المنعنشين” على وصف “حميدتي”.. الذين لفحتهم نفحة باردة من نفحات “ابو سبيحة” المدخر.
ليقول امين حسن عمر في تغريدة: (سنعود بحول الله واذنه الي كل الساحات، رضي من رضي، وغضب واكتئب من غضب.. سنعود بعد ليل “قحت” الدامس مثلما يعود القمر البدر، يطلع على الدياجير والظلمة الظلماء، فيحيل ليلها كنهارها، فتصبح البلاد مقمرة).
تصور كيف ان عقل “امين” قد زين له بأن الناس اغرارا يصدقون مخاتلة حركته التي غادرت الحكم ظاهريا بقرار لجنتها الامنية، في الحادي عشر من أبريل ٢٠١٩، وأن ذات الحيلة التي ذهب على متنها البشير الي القصر رئيسا، والترابي الي السجن حبيسا من قبل، لازالت هي نفسها صالحة لكي ينطلي بها الشعب، أو تنطلي عليه من جديد.
فحركة امين الحاضرة في كل شعاب الدولة باعتراف البشير الشهير : (ان الاخوان هم الان في كل مفصل من مفاصل الدولة).. يريد أن يتوعد هو الناس ايهاما بأنه سيعود الي كل الساحات.. لا أحد يدري اي ساحات غيب الاسلاميون انفسهم عنها لكي يعودوا اليها.. اهي تلك الساحات التي كشف امين عن امتلاكه خطة طوارئ لملئها بنحو ٥٠٠ الف رجل تحت السلاح.
وكيف لرجل يستغرب ان الناس لم يحمدوا لحركته كف يد مئات الاف الرجال المدربين على السلاح عن أن تطال رقابهم، يتصور ان عودة عهده الذي لم يغادر اصلا، تماثل عودة القمر البدر.. وان البلاد ستصبح مقمرة بسلاحه ورجاله هؤلاء الذين يتباهي بهم.
ان نماذج ما يخرج من افواه التخبط الاخواني من أقوال يثير اكثر من سؤال.. ومنها سؤال الكاتب فتحي الضو: (لماذا يشكل الاخوان المسلمين أغرب وأسوأ ظاهرة طرأت على الحياة السودانية؟).
ولان الشيء بالشيء يذكر فلا مندوحة في ان تذكرني تغريدة امين بسؤال الطيب صالح المدوي: (من أين جاء هؤلاء الناس؟.. الا يحبون الوطن كما نحبه؟.. اذن لماذا يحبونه وكأنهم يكرهونه؟ ويعملون على اعماره وكأنهم مسخرون لخرابه؟).
لام.. الف
هذا زمن الحق الضائع
لا يعرف فيه مقتول من قاتله، متى قتله؟
ورؤوس الناس على جثث الحيوانات
ورؤوس الحيوانات على جثث الناس
فتحسس رأسك
فتحسس رأسك
صلاح عبدالصبور
حالتي
اشهد الا انتماء الان
الا انني في الآن لا
المصدر