حيدر المكاشفي يكتب: وا ذلاه يا لـلرزيقات
هل ما زلنا نعيش حقبة التاريخ الجاهلي العربي، حسنا للاجابة عن هذا السؤال بالسلب أو الايجاب، فلنقف أولا على مثال من الحقبة الجاهلية ونورد بعدها مثالا محليا مشابها له ولنحكم بعدها..في التاريخ الجاهلي شاعت عبارة (واذلاه..يا لتغلب) التي صرخت بها ليلى بنت المهلهل، فسمع صرختها المدوية ابنها الشاعر الفارس عمرو بن كلثوم سيد قبيلة تغلب، فهب لنجدتها وقام بقتل من سعى لاهانتها، وتقول تفاصيل الحكاية أن هند والدة عمرو بن هند بن المنذر ملك الحيرة ادعت يوما امام جليساتها، بأنها أشرف نساء العرب ولكن احداهن خالفتها قائلة ان ليلى بنت المهلهل أشرف منك، لتجيبها ام عمرو بن هند قائلة لأجعلنها خادمة لي، ولكي تحقق ام عمروغايتها باذلال ليلى بنت المهلهل، طلبت من ابنها الملك أن يدعو الشاعر عمرو بن كلثوم وأمه ( ليلى ) لزيارتهم، فكان لها ذلك، وأثناء الضيافة حاولت أم الملك أن تنفذ نذرها، فأشارت إلى جفنة على الطاولة، وقالت يا ليلى ناوليني تلك الجفنة،فأجابتها ليلى لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها، ولكنها ألحت عليها بل طالبتها بلهجة آمرة ان تناولها الجفنة، فصرخت ليلى (واذلاه..يا لتغلب) وتغلب هي قبيلتها، فسمعها ابنها عمرو بن كلثوم وكان جالسا في حجرة مجاورة مع الملك، فقام إلى سيف معلق وقتله به ثم أمر رجاله بالخارج بنهب كل ما في القصر،وعلى اثر ذلك نظم معلقته الشعرية الوحيدة (الا هبي بصحنك فأصبحينا الخ).. أما المثال المحلي فقد أورده الخبر الذي يقرأ(أعلن ناظر قبيلة الرزيقات ــ إحدى قبائل دارفور الكبرى، عن دعمه لنائب رئيس الحكم العسكري وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، وحذر من استهدافه وقال إنه خط أحمر، وكانت تقارير صحفية تحدثت عن خلافات بين رئيس الحكم العسكري الجنرال عبد الفتاح البرهان ونائبه حميدتي، حيال الموقف من الأزمة السياسية التي يعاني منها السودان منذ الانقلاب،ووصل وفد من قبيلة الرزيقات بقيادة الناظر محمود موسى مادبو، الاثنين، إلى العاصمة الخرطوم، بدعوة من حميدتي الذي قدم شكاوى إلى عمد القبيلة عن عدم ولاء مادبو له، وقالت المصادر الموثوقة إن الوفد عقد اجتماعا حضره مندوبون من قوات الدعم السريع، خلص إلى إعلان القبيلة الولاء المطلق لنائب رئيس الحكم العسكري، وقال الناظر مادبو، في تصريح عقب الاجتماع، إن الأوضاع الراهنة في البلاد أظهرت لهم استهدافا ممنهجا ضد محمد حمدان، ونحن نرفض استهدافه، كما أن أي تحدٍ لشخصه بمثابة تحدٍ لهم في القبيلة وسيواجهون من يستهدفه، وأشار إلى أن حميدتي هو أبن السودان، لكن قبل ذلك ابن القبيلة وهو خط أحمر لن نجامل فيه، ويشار الى ان حميدتي كان قد وصف الانقلاب العسكري بـالفاشل، ومنذ ذاك الوقت درج على عقد اجتماعاته الراتبة بمقر قيادة قوات الدعم السريع ومنزله بدلا عن القصر الرئاسي.. ووجه الشبه بين المثالين بائن وواضح في عملية الاستنجاد بالقبيلة ثم تهب القبيلة لنجدة ابنها المستنجد بها، فحين يشكو حميدتي من عدم ولاء ناظر القبيلة له وهو المستهدف بشكل ممنهج، كأنما يعيد صرخة ليلى بنت المهلهل فيقول وا ذلاه يا ل(الرزيقات)، فتهب القبيلة لنجدته ويقود ناظر القبيلة وفدا قبليا لتأكيد نصرتها له حسبما قال الناظر مادبو..أما شخصنا الفقير الى الله وحتى لا يؤل حديثه ويحول، فانه ليس مع أحد وضد آخر، بل هو ضد العنصرية والقبلية المنتنة في أي كائن أو مكون كانت، وسبق أن وجهنا نقدا عنيفا للبرهان عندما حاول ان يستنصر ويستقوي بأهله في نهر النيل ويجعلهم الأعز بين الناس..
صحيفة الجريدة
مصدر الخبر