حيدر المكاشفي يكتب: مبادرة الجد.. وعد بلفور جديد
[ad_1]
جاء في الأخبار أن المبادرة التي يقودها رجل الدين الصوفي الطيب الجد والموسومة ب(مبادرة أهل السودان)، سلمت رئيس مجلس السيادة الانقلابي عبد الفتاح البرهان، قائمة من 35 مرشحاً لمنصب رئيس الوزراء لاختيار واحداً منهم، ومن جهته سارع البرهان بعد تسلمه قائمة المرشحين لتولي منصب رئيس الوزراء بتشكيل لجنة لتنقيح الأسماء واختيار واحدا من بين المرشحين لتقلد المنصب وإنهاء حالة الفراغ الدستوري الذي يعيشه السودان منذ قرابة العام بعد إطاحة العسكريون من خلال الانقلاب الذي نفذوه برئيس الوزراء عبدالله حمدوك وحكومته في أكتوبر الماضي، الأمر الذي أدخل البلاد في جملة من الأزمات الخانقة في كافة المجالات، السياسية والاقتصادية والمعيشية والأمنية، وما انفك الخناق يضيق على الناس يوما بعد يوم والاحوال تتردى ساعة بعد ساعة، حتى أضحت البلاد تعيش حالة اللادولة بعد أن عايشت فعليا حالة اللا حكومة منذ لحظة وقوع الانقلاب،
وظل المكون العسكري طوال هذه الفترة الممتدة لعشرة أشهر يبحث عن مخارج من عنق الزجاجة التي أدخل نفسه فيها وجر معه كل البلاد داخلها، وجاءت مبادرة الطيب الجد التي شاركوا في صناعتها ومباركتها فتعلقوا بها تعلق الغريق بالقشة، والمتصفح لتفاصيل هذه المبادرة لا يجد أي عناء في اكتشاف ممالأتها للعسكريين، وليس من شاهد على ذلك أبرز مما جاء في الخبر أعلاه والذي يعطي من لا يملك من لا يستحق، فلا مبادرة الطيب الجد بالغا ما بلغت تملك وحدها حق ترشيح أسماء ليتولى أحدهم منصب رئيس الوزراء، ولا البرهان يملك حق الاختيار من قائمة الطيب الجد سواء بشخصه أو عبر لجنة يشكلها، اللهم الا ان يتم ذلك قهرا واستبدادا لفرض سياسة الأمر وتشكيل حكومة الأمر الواقع لتدخل البلاد مجددا في أزمة أكثر تعقيدا من الحالية..
تماثل هذه الأعطية والمكرمة التي يهديها الطيب الجد وجماعته للبرهان تماما حكاية وعد بلفور المشؤوم، ووعد بلفور كما هو معلوم هو ذلك الوعد
الذي منحت بموجبه بريطانيا التي لا تملك أرض فلسطين للحركة الصهيونية التي لا تستحق، وذلك حين بعث في اليوم الثاني من نوفمبر عام 1917، وزير خارجية بريطانيا آنذاك، آرثر جيمس بلفور، رسالة إلى اللورد ليونيل والتر روتشيلد، أحد زعماء الحركة الصهيونية، وعده فيها باقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، وكان هذا الوعد هو الأساس الذي أنشئت بموجبه دولة إسرائيل القائمة حتى اليوم على أرض فلسطين التاريخية، وتسبب بتشريد جماهير الشعب الفلسطيني، وعدم تمكنهم من تأسيس دولتهم المستقلة حتى الآن،
ووجه الشبه بائن جدا بين وعد بلفور وخطة مبادرة الطيب الجد، ويكمن الشبه والمماثلة في أن المبادرة لا تملك حق ترشيح اسماء لشغل منصب رئيس الوزراء، لكنها رغم ذلك تقدمه هدية لمن لا يستحق الذي هو البرهان، بهدف تمكين العسكر بشكل أسفر وأكبر ومنحهم القوة والنفوذ ويوسع مجال نفوذهم ليشمل كل البلاد وغالب السلطات، متجاوزين بذلك القضية المركزية المتمثلة في إنهاء الإنقلاب ومترتباته التي ضيقت على البلاد أكثر مما تكابده من ضيق..وما اشبه وعد بلفور القديم بالوعد الجديد للطيب الجد..
صحيفة الجريدة
مصدر الخبر