السياسة السودانية

حيدر المكاشفي يكتب: فلس وحالة شلش!!

شاع وانتشر في وسائط التواصل الاجتماعي، فيديو لأغنية بناتية تتحدث عن الفلس، ووجدت هذه الاغنية رواجا كثيفا لدرجة أنها أصبحت (تريند)، وتقديري ان هذه الاغنية غض النظر عن الرأي في كلماتها وطريقة ادائها والرقصات المصاحبة لها، وجدت كل هذا الرواج لأنها عبرت حقيقة عن معاناة الناس مع الفلس، فالناس هذه الأيام يعانون من حالة فلس عام، بمعنى فقر الموارد وقلة المال وسوء الحال، ودرج السودانيون ولا ادري لماذا يطلقون مصطلح (عطية) على الفلس، وفي رواية أخرى (عكبو)، وغير ذلك من مصطلحات، ويطلقون على من يضربه الفلس (مقشط) أو أنه لا يملك أبو النوم وغيرها، وأبو النوم هذه لها تعريفات عدة منها أنه اسم لاحدى أنواع نبتة الخشخاش وتحتوي على مركبات أفيونية مخدرة، ومنها أيضاً أنه اسم لقرية مصرية منسية تقع بين محافظتي الاسكندرية والبحيرة، أما عند السودانيين فتعني ما يتبقى في قاع جيب الجلابية أو القميص من ذرات تعلق به وهي كناية عن نظافة هذه الجيوب، ليس من المال وحده بل حتى من أي شيء ذي قيمة، أما عن حالة الفلس نفسها فيصفونها بأنها (شلش)،

وأما الفلس ذاته سيد الاسم وبما له من مهابة وسطوة تذل أعناق الرجال وتجعلها أصغر من سمسمة يقولون عنه أنه راجلا كلس، ولهم معه وفيه قصص وحكاوي وأشعار، ومن أشعارهم فيه قول أحد الشعراء الشعبيين:
يا صحبي الفقر عم وكشح تيرابو 
والقلب الندي إتشالبنو ديابو
 نبحن وهوهو نعلي كلابو 
خمن وصرصرن سهما غرز نشابو
 وقال آخر:
الدنيا بتهينك والزمان بيوريك
وقِلْ المال يفرقك من بنات واديك
الزول الفسل ما تسويهو ليك دخريك
وقعاد الوحدة أخير من لمة المابيك..و..الحالة صعبة والعيشة مرة كما غنت احدى مغنيات الدلوكة..

هذا الوضع المزري والحال التعيس الذي وجد الناس أنفسهم في لجته، هو انعكاس مباشر لحالة حكومة الأمر الواقع، حكومة المكلفين المعينة بواسطة البرهان قائد الانقلاب، فهي حكومة بائسة وتعيسة ونقلت بؤسها وتعاستها على الحالة العامة، بدلا من ان تنقلهم الى أوضاع افضل، ولكن أنى لها، فشمل البؤس والتعاسة كل المجالات بلا استثناء، الامن، الاقتصاد، معيشة الناس، الخدمات، الصحة، التعليم، صحة البيئة، كل شئ ضربه البؤس وغطته الكآبة، فكيف والحال هذا ان لا يضرب الناس الفلس، لدرجة لا تمكنهم من الحصول على احتياجاتهم الاساسية والضرورية، في ظل غلاء فاحش ومتصاعد وفقدان العملة الوطنية لقيمتها، فأصبح الحصول على أبسط الاشياء يتطلب ان يكون بحوزتك مبلغ كبير، وهذا ما تسبب في تدني القوة الشرائية عند الناس لأدنى مستوى،

واذا ما استمر التدهور بهذا المعدل والمنوال فقد تجد نفسك كما يقول الساخرون، تحمل النقود في قفة لتشتري بها أشياء تضعها في الجيب بدلا من العكس، وتسبب هذا الوضع في حالة الركود التي يعانيها الاقتصاد، للتراجع الواضح للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، والدخل الحقيقي، والتوظيف، والإنتاج الصناعي، ومبيعات الجملة والتجزئة، وما من أفق لتجاوز هذا النفق وهذا الضيق، الا بإنهاء الانقلاب الذي قطع الطريق على حزمة معالجات ومنح ومعونات، كانت كفيلة بتغيير الحال الى وضع أفضل، بدلا من سياسات حكومة الانقلاب التي ينشط في تنفيذها بهمة ودأب جبريل ابراهيم وزير المالية، والتي زادت الحال سوء و(طمبجة) باعتمادها على جيب المواطن الخالي أصلا..

صحيفة الجريدة

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى