حيدر المكاشفي يكتب: جثامين المشارح..طمس حقائق وبيع أعضاء
وجهت عدة جهات اعتبارية طبية وقانونية، انتقادات شديدة لقرار النائب العام المكلف خليفة أحمد خليفة، الذي أصدره يوم الاثنين الماضي وقضى بدفن الجثث مجهولة الهوية بمشارح العاصمة الخرطوم الثلاث، بعد تشريحها بواسطة هيئة الطب العدلي ، وكان مدير هيئة الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين قد كشف عن ارتفاع أعداد الجثث مجهولة الهوية في مشارح العاصمة إلى أكثر من ثلاث آلاف، بعد أن كانت 300 في 2019، واعتبرت الجهات الناقدة لقرار النائب العام ومن بينها لجنة الاطباء ومحامو دارفور وجهات طبية وقانونية أخرى اضافة الى أسر الشهداء والمفقودين وغيرها، اعتبرت كل هذه الجهات قرار النائب العام بأنه محاولة لقبر أدلة القتل الممنهج عن طريق سلاح الدولة، وقالت أن القرار يأتي في سياق انتهاكات الحكم العسكري والسجل الخاص بتعامل الأجهزة العدلية مع ضحايا الثورة، وطالبت باتخاذ حزمة من التدابير لحفظ حقوق المتوفين مجهولي الهوية في العدالة، من بينها وجود شهادة الوفاة ومعلومات الشرطي الذي سلم أي جثة إلى المشرحة، إضافة إلى ترقيم الجثامين بأرقام متسلسلة وربطها بالبيانات والنتائج التي جرى التوصل إليها، اضافة الى تصوير أي جثة بواسطة الأدلة الجنائية التابعة لقوات الشرطة، مع أخذ بصمات الأصابع والبصمة الوراثية والصور الشكلية للاسنان وتحريز مقتنيات المتوفي، ورجحت هذه الجهات وجود ضحايا الاختفاء القسري ضمن الجثث مجهولة الهوية في مشارح العاصمة الخرطوم.. الشاهد أن الممارسات اللا انسانية واللا اخلاقية القذرة التي ظلت تتعرض لها الجثث مجهولة الهوية القابعة في المشارح، لم تكن وقفا على محاولات طمس الحقائق واخفاء الادلة، وانما أيضا ظلت تتعرض أعضاء تلك الجثث لعمليات سرقة ونهب لبيعها كبضاعة، فقد سبق أن اعلنت لجنة كونت للتحقيق في اختفاء الأشخاص قسريا (المفقودين)، انها ضبطت شبكة تعمل في تجارة الأعضاء البشرية وبيع جثامين داخل عدد من مشارح العاصمة الخرطوم، وكانت تلك اللجنة بدأت تحقيقها بقضية اختفاء الأشخاص في محيط القيادة العامة بعد مجزرة فض الاعتصام التي جرت في 3 يونيو 2019، وكانت اللجنة قالت وقتها إنها ضبطت شبكة تعمل في تجارة الأعضاء البشرية في بعض المشارح وبيع الجثامين، وأشارت إلى أن تحقيقا أُجري مع متهمين سجلوا فيه اعترافات قضائية تثبت تورطهم في تجارة الأعضاء البشرية داخل عدد من المشارح، وكان النائب العام الاسبق تاج السر الحبر هو من اصدر قرار تكوين تلك اللجنة المناط بها التحقيق في اختفاء الأشخاص في السابع من نوفمبر 2019 ، وسبق ان شككت عضو اللجنة سمية عثمان في مصداقية تقارير الأطباء الشرعيين المكلفين بتشريح الجثث في المشارح، وكان تقريرين تضاربا حول نتيجة تشريح جثمان الشهيد محمد إسماعيل (ود عكر)، حيث جاء في التقرير الأول الذي إنه تعذر عليه معرفة أسباب الوفاة، فيما أوضح التقرير الثاني إن سبب الوفاة تعرض القتيل للتعذيب، واتهمت سمية النائب العام السابق مبارك محمود بـحماية الفساد داخل مؤسسة الطب العدلي، وقال بعض المحققون في اللجنة إن النيابة العامة أجرت تحقيقات مكثفة حول نشاط الشبكة التي تعمل في تجارة الأعضاء البشرية، لجنة التحقيق في اختفاء الأشخاص على ضبط دخول الجثامين إلى المشارح عبر إجراءات واضحة وصارمة تمكنها من إجراء تحقيقاتها في حال وجود شبهات جنائية، ويذكر ان النائب العام السابق كان قد منع فريقا دوليا، وصل إلى الخرطوم بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، منعه من معاينة جثث في إحدى مشارح العاصمة، بحجة عدم ابلاغه بوصول الفريق، ولاحقت النائب العام حينها اتهامات بإصدار أوامر دفن لجثث توجد حولها شبهات جنائية يرجح إنها تعود لشهداء، مجزرة فض الاعتصام ..
صحيفة الجريدة
مصدر الخبر