حيدر المكاشفي يكتب: تجهيز منزل الرئيس..تجهيز الحبال قبل البقر!!
من أخبار العملية السياسية الجارية، أن السلطات المختصة (المعني بها سلطات الأمر الواقع القائمة حاليا)، بدأت في إجراء صيانة ونظافة منزل رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك بضاحية كافوري بالخرطوم، وتم رصد حركة دوؤبة لموظفين وعمال نظافة داخل المنزل توطئة لتجهيزه لرئيس الوزراء القادم..ووفقا للعملية السياسية نفسها ما يزال الوقت مبكرا جدا لاختيار رئيس وزراء للمرحلة القادمة، اذ ما يزال أمام الموقعين على الاتفاق الاطاري جملة من الملفات عالية الحساسية والتعقيد مطلوب أولا التوافق حولها لصياغة اتفاق نهائي تعقبه عملية اختيار رئيس الوزراء والطاقم الوزاري وقبل ذلك تحديد معايير الاختيار، هذا بالاضافة الى عملية توسيع قاعدة المشاركة التي تحتاج لبذل جهد كبير..ولكن يبدو ان حالة الفراغ الحكومي المتطاولة بآثارها السلبية البائنة، جعلت هذه (السلطات) تتسرع وتقفز فوق الأهم بتنفيذ المهم، أو ربما أنها قصدت ان تؤكد ان اختيار رئيس وزراء أمر واقع في كل الأحوال، سواء تم التوصل لاتفاق نهائي أو لم يتم هذا الاتفاق بتنفيذ انقلاب جديد يجري التمهيد له بما يسمى (المبادرة المصرية)..
وحكاية تجهيز واعداد المنزل قبل حسم عملية من يشغله، تذكر بحكاية ذلك الرجل الشليق الذي تفاجأ بليلة القدر، فبدلا من أن يطلب منها (بقر بلا حبال) دلالة عن الكثرة، اذا بالشلاقة والربكة جعلته يطلب (حبال بلا بقر)، والزول عليكم أمان الله.. تقول الحكاية.. إنه حتى اليوم هو وأحفاده لا شغل لهم غير فتل وصناعة الحبال بعد الاستجابة للطلب الخطأ، ومن دروس هذه الحكاية انها تعكس المفارقة التي تقع بين القول والفعل وبين النظرية والتطبيق، والاستعجال في تدشين شئ والبدء به قبل استكمال مطلوبات أخرى سابقة له وأكثر أهمية، كما انها ايضا تعيد للذاكرة تلك الطرفة القديمة، والطرفة تقول إن رجلا طال عهده باللحم لضيق ذات اليد، آخر قطعة لحم تذوقها كانت قبل عام في عيد الأضحى، عندما أهداه جيرانه كوماً من اللحم، فأصبح على قول أهلنا (قرمان وصرمان) للحم حتى صار كل همه أن يحصل على (العضة) مهما كلفه الأمر، المهم أنه بطريقة أو أخرى تحصل على كيلو من اللحم، فأسرع به إلى البيت وطلب من زوجته أن تطبخه لحين عودته من العمل، بعد يوم عمل شاق عاد الرجل إلى بيته وهو يتلمظ و(يتمطق)، ممنياً نفسه بوجبة شهية من اللحم، ولكن زوجته التي كانت مثله في شوق عارم للحم، كانت قد قضت على الكيلو بكامله، قالت له إن الكديسة قد أتت على كل اللحم في غفلة منها، أصابت الرجل خيبة كبيرة ولم يقتنع برد الزوجة، وانتابه الشك، كيف يمكن لهذه الكديسة الصغيرة أن تلتهم كيلو بحاله، أضمر في نفسه شيئا وطارد الكديسة حتى أمسك بها، ثم أمر زوجته أن تتبعه إلى صاحب الكنتين، وهناك طلب من بتاع الكنتين أن يزن الكديسة، فكان وزنها كيلو، هنا نظر شذرا لزوجته وقال لها بغضب (الكيلو دا اللحمة، أها الكديسة وينا)..سؤال هذا الزوج الغاضب يصلح أن نوجهه للسلطات التي شرعت في اعداد وتجهيز منزل رئيس الوزراء الافتراضي ( قول جهزتوا البيت وخليتوهو يلمع ، أها وين رئيس الوزراء)، فالسلطات هنا تبدو وكأنها جهزت الحبال قبل الحصول على البقر..
صحيفة الجريدة
مصدر الخبر