السياسة السودانية

حيدر المكاشفي يكتب: الصرف الصحي يغرق الشوارع بالعفن والعطن

(عانت مناطق واسعة في الخرطوم الأسابيع المنصرمة من تدهور مريع في شبكات الصرف الصحي بالولاية، حيث فاضت معظم (منهولات) الصرف الصحي في عدد كبير من مناطق العاصمة، منها (الصحافة، الديم، الامتداد، العمارات، شارع المك نمر، الميناء البري، السوق المركزي، وغيرها الكثير). وأبدى عدد كبير من المواطنين تضجرهم عبر الأسافير من هذا التدهور)..هذه المقدمة التي نصصناها (وضعناها بين قوسين)، وردت في التحقيق الضافي والمخدوم الذي أنجزته الصحافية الشابة القادمة بقوة مروة الأمين، من خلال جولة ميدانية واسعة قامت بها رغم سخونة الأجواء، للتقصي عن أسباب تدهور شبكة الصرف الصحي، استمعت فيها لرأي عدد من المواطنين كما أجرت عدداً من المقابلات مع المختصين..ويفتح مجدداً هذا التحقيق المهم الذي نشرته هذه الصحيفة (الجريدة) أمس، ليس فقط قضية الصرف الصحي المزمنة بل كل قضايا الخدمات من مياه وكهرباء ومواصلات وغاز الخ التي أزمنت وأدمنت التدهور، ويعيد هذا التحقيق أيضاً الى الواجهة قضية مياه الشرب الملوثة والمختلطة بمياه الصرف الصحي (الغائط والبول)، كما أنه يؤكد ان هذه القضية رغم خطورتها ما تزال على حالها الى اليوم دون حتى مجرد التفكير الجاد في إيجاد حل لها، وكان خبراء سودانيون قد أكدوا عبر تقارير منشورة أن مياه الشرب بالعاصمة الخرطوم مختلطة بمياه الصرف الصحي، وأن نسبة تلوثها كبيرة، وأكد الخبراء أن المسافة بين الصرف الصحي وآبار المياه أقل من المسموح به صحياً.. إن أي متأمل في حال البلاد منذ نيلها الاستقلال وإلى يوم الانقلاب هذا، لن يجدها إلا على حالها السيء وبؤسها المقيم، بل زاد تدحرجا إلى الأسوأ بسبب الانقلاب، وكأن قدر أهلها المسطور أن يعيشوا تاريخا دائريا حلزونيا لا مخرج منه، وهل يحتاج أحدكم إلى دليل يرشده إلى هذه الدائرة المفرغة التي ظلت البلاد تدور فيها كما يدور جمل العصارة وهو مغمض العينين عكس عقارب الساعة، ويتأرجح بينها كما يتأرجح بندول الساعة مع الفارق، من حيث إن دوران الجمل له منتوج مفيد هو الزيت، وتأرجح البندول يحرك الزمن إلى الأمام، بينما دوران بلادنا على نفسها لا يورثها غير إعادة إنتاج مشاكلها وأزماتها، وتأرجحها بين همومها وقضاياها يجذبها إلى الخلف ويدحرجها إلى الأسفل على عكس حركة التاريخ والحراك الإيجابي للمجتمعات، ولا أدل على ذلك من بعض أزماتنا المتخلفة التي ما نزال نرزح تحتها رغم أنها أصبحت عند كثير من الأمم والشعوب القريبة منا والشبيهة بنا من ذكريات الماضي الأليمة، فمشاكلنا ظلت هي هي، وأزماتنا هي هي، وخلافاتنا هي هي، وخيباتنا هي هي، منذ بداية تأسيس الدولة الوطنية وإلى يوم الناس هذا، ظلت مشكلة الكهرباء والمياه هي ذاتها، والمواصلات والوقود والغاز والصرف الصحي هي نفسها على مر العقود..فمتى يا الهي الخروج من هذا التاريخ الدائري..

صحيفة الجريدة

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى