حليم عباس يكتب: ثم ماذا بعد موافقة العسكر على “التسوية الثنائية” ؟!
“منذ أسبوعين، استلمت الآلية الثلاثية المكوّنة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد) وثيقة من القيادة العسكرية تتضمن تعليقاتهم وتعديلاتهم على مسودة الوثيقة الدستورية التي أعدتها اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين. تعكس هذه التعديلات تفاهمات أساسية تم التوصل اليها بين العسكريين ومُحاوريهم من قوى الحرية والتغيير. وكانت هذه المسودة قد جمعت حولها عددًا كبيرًا من القوى المدنية. والآن، بعد القبول المبدئي للمكون العسكري بالمسودة، نجد بين أيدينا وثيقةً قابلة للتطبيق يمكن بناء المزيد من التوافق حولها.
لقد طلبت منا الأطراف العسكرية والمدنية البدء بتيسير عملية سياسية جديدة بناءً على هذه المسودة، وقد أطلقنا بالفعل سلسلة جديدة من الاجتماعات مع أصحاب المصلحة المدنيين لإيجاد حلّ للأزمة السياسية المستمرة منذ انقلاب العام السابق.” مقتطف من مقال مشترك كتبه محمد بلعيش، سفير الاتحاد الأفريقي في السودان، فولكر بيرتس، ممثل الأمم المتحدة الخاص للأمين العام للسودان، و إسماعيل وايس، المبعوث الخاص للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد).
إذن، العساكر وافقوا على التسوية الثنائية على أساس الوثيقة اللقيطة، ولكنهم جبنوا عن التصريح بذلك وإعلانه للشعب السوداني.
ماذا يعني أن تطرح وثيقة ثم تبتدر عملية سياسية على أساس هذه الوثيقة بواسطة الجهة التي أعدتها من البداية؛ والوثيقة تحمل وتعبر عن رؤية جهة معينة هي الجهة التي أعدتها، وهي نفس الجهة التي تقوم بتسيير (وليس تيسير كما يُقال) العملية برمتها هي آلية فولكر ومن وراءها سفارات دول الرباعية.
كيف يُمكن الوثوق في جهات تزوِّر الحقائق بهذا الشكل من أجل قيادة السودان نحو صناعة دستور وإنتخابات حرة نزيهة. جهات بهذه الوقاحة وقوة العين بحيث تفرض وثيقة سياسية كاملة من الألف إلى الياء من الخارج وتنسبها إلى نقابة غير موجودة أساساً ثم تفرضها كحل نهائي. لماذا نصدق أن هذه الجهات ستدعم عملية تقود إلى دستور وحوار وطني وإنتخابات حرة نزيهة تأتي بمن يختاره الشعب؟
أبحثو لكم عن شعب آخر غير الشعب السوداني لتمرروا عليه هذه الأوهام.
حليم عباس
مصدر الخبر