حسن فضل المولى: ظروف بتعَدِّي
حسن فضل المولى يكتب :
ظروف بتعَدِّي
حكى الشاعر (عوض جبريل) أن زوجته كانت تنبههه يومياً
إلى ضرورة صيانة (البيت) إلا أنه لانشغاله لم يفعل ذلك ،
إلى أن هطلت ( مطرةٌ ) و ذهبت به ،
الأمر الذي أغضبها ..
و أصرت على الإنفصال ، فكتب لها ،
مُواسياً و مُسْتَرضِياً ..
(ما تهتمي للأيام ) ..
و أخذ كلمات الأغنية للفنان (كمال ترباس) ، و بينما هما يقومان بتبريفها ،
دخل عليهما الوزير (عمر الحاج موسى) ، و سأل (عوض) عمن
يقصد بهذه الأغنية ، فقال إنه قد نظمها في زوجته ، فاقترح عليه أن يجعلها للشعب السوداني ، بدلاً من
أن يخصَّ بها زوجته ، و قد كان ..
( ما تهتموا للأيام
ظروف بتعدي
طبيعة الدنيا زي الموج
تجيب و تودي
ما تهتموا للأيام ) ..
و كأن (عمر الحاج موسى) كان ينظر بعين الإلهام ، فالظروف التي عصفت بمنزل (عوض جبريل) قد تسْتَعِرُ يوماً فتنسف منازل وأبنية ، و تزهق أرواحاً ،
و تُزَلزِل نفوساً زِلزالاً شديداً ..
و لعل أكثر الذين تحدثهم أنفسهم بالأسوأ في بلادي ، لم يكونوا يتوقعون
هذه الأحداث العاصفة و الناسفة
و الراجِفة ، و التي جعلت الكل يصرخ ،
و يستصرخ ..
(Cry my beloved country) ..
و العِباد مستظلون بالعشرة الأواخر
من أيام رمضان المبارك ، و قد أخذوا
يهيئون أنفسهم لفرحة العيد ،،
و الأماني العذبة تتراقص و تصطفق بين جوانحهم ..
الخياطون مُنْهَمِكون يقُصُّون
و يحِيكون و يُطرِّزون ،،
و رقاع الدعوات تنطلق لحضور الأفراح، ( ثاني ) و ( ثالث ) و ( رابع ) أيام العيد،،
و من هم بالخارج لاحت طلائعهم ،
و هم مُثْقلون بالهدايا و الأشواق ،،
و من ينتظر مَرْجُواً لسان حاله ..
) يايوم بكره ما تسرع
تخفف لي نار وجدي ) ..
و الأمور تمضي على نحوها المألوف ،
إذ يأذن الله بأمر عظيم الخطر ،
و صاعق المفاجأة ..
و هو اندلاع ( الحرب ) ..
كثيرون كانوا يسمعون بالحروب ،
و يقرأون عنها ، و يشاهدونها صوراً
و آثاراً ..
أما و قد وقعت ، فليس من رأى كمن سمع ..
إنها أبشع مما ظنوا ،،
و أثقل وطأة مما حسِبوا ..
فها هيَّ لا تُبْقي و لا تذر ..
و ها هيَّ الأحوال تتبدل ، من حال إلى حال ..
و سبحان مُغَيِّر الأحوال من حالٍ إلى حال ..
و هي حالٌ مع لعلعة و فرقعة
و قعقعة السلاح ، عَرِف كثيرون معها ، كيف تزيغ الأبصار ،،
و كيف تبلغ الأرواح الحلاقيم ،،
و كيف تطيش العقول ،،
و كيف تتفتت الأكباد ،،
و كيف تصير الأشياء بلا طعم ،،
و كيف يهْجُر حميمٌ حميماً ،،
و كيف يُقْبِلُ حميمٌ على حميمٍ ،،
و كيف يتسارع حصاد الأرواح ،،
و كيف تنتعش تجارة ،،
و كيف تبور تجارة ،،
و كيف تشتد هِمَمٌ و عزائم ،،
و كيف تخور هِمَمٌ و عزائم ،،
و كيف يستثمر البعض و يتَّجِر في معاناتنا و جراحنا و نزيف دمائنا ..
و كيف يتسلى البعض و يتبارى ، و هم يتلذذون بالخوض في معاناتنا و جراحنا و نزيف دمائنا ، و ما درى هؤلاء القوم أن الأيام دُوَلٌ ، فإن سرتك أزمانٌ ، ساءتك أزمان ، و عندها لن يجدوا ظهيراً و مُؤازراً إلا ( بني السودان ) ..
لقد أطبقت الزعزعة ، و تَفشَّى الاضطراب ، و وقع الشتات ،،
فتعاظم الخروج و التوَّلِي ..
(ودِع قووووم
سِيب الخرطوم
قووووم قووووم قوم بارِحا) ..
و أنت تري الناس ..
و قد تنادوا مُسْرِعين زرافاتٍ
و وحدانا ..
( لملموا الهِدَيمات ما عدلوا
و ركبوا العربات قَبَلوا ) ..
لقد ازدحمت المدن و القرى بالآباء
و الأمهات و الأبناء و الأحفاد ،،
و الغُرفة التي كانت تضيق باثنين
أصبحت تتسع لسبعة و يزيد ،،
و اتسعت القلوب و الصدور ،،
و إكراماً للوافدين امتلأت و فارت بالطعام القُدور ،،
و غمر بعض النفوس السرور برؤية
من طال عهدهم و انقطع بمساقط
رؤوسهم ، و كأني بهم يرددون ..
( يا المِن شوفْتُو طولنا
نهواك لا زلنا
نهواك رغم الجور
رغم الصدود عنا ) ..
و الماجابو السَّمح و الزين ، جابو تَوَقِي الحرب اللعِين ..
و آخرون عبَروا الحدود ..
فيا ( قندهار) الواسعة ضاقت بينا ،،
و يا ( المِعْبر) جيناك ،،
و يا (بورتسودان) يا حِنِيَّة قَصَدناك ،،
و يا (وادي حلفا) نِحْنَ في حِماك ،،
و يا (القلابات) قدامنا سفراً مكتوب ما بتأخر ، أدينا رضاك ..
نعم ..
غادر ( السودان ) من غادر ، و لكنهم
غادروا بأجسادهم المُنهكة ، و بقيت
أرواحهم معلقة بمن تركوا و ماتركو ،
من أمجادٍ و أحبابٍ و بقاعٍ هي عندهم
أعزّ من كل عزيز و أغلى من كلِ غالٍ و نفيس ..
و كنت كلما تحدثت إلى صديق أو
حبيب منهم ، أجده في همٍ عاصفٍ
و حُزنٍ لاسع ، و هو حال الجميع ،
من السابقين و اللاحقين ، ممن
يقضون لياليهم ، و جُنُوبُهم تتجافى
عن المضاجع ، قلقاً و تمزقاً
و تلهفاً للعودة إلى أعزَّ مكان ..
(أعزَّ مكان عندي السودان
لأن حِسانو أعفَّ حِسان
طيورو صوادح و روض و جِنان ) ..
و إن شاءالله تجو عايدين لبلدكم
آمنين ، و بينكم من يُذَوِّب مهجته
بحَرِّ أنفاس الغرام ..
( أبداً أعيش بحبه
أنا غير أحبابي حُطام
غداً نكون كما نوَّدُّ
و نلتقي عند الغروب
غداً تجف مدامعي
و تزول عن نفسي الكروب
غداً تعود مباهجي
غداً حبيبي حتماً يعود ) ..
و كما أنه قد خرج من خرج ..
فقد بَقِيَّ من بقي ..
و من خرج فهو يَفِرُّ من قَدِر الله إلى
قدر الله ، و الحذر واجب ..
فقد رُوِيَّ أنه لما خرج سيدنا ( عمر بن الخطاب ) ، رضي الله عنه ، إلى الشام ، أخبروه أن الوباء قد وقع بالشام ، و بعد أن استشار من معه قرر العودة ، فقال له ( أبوعبيدة بن الجراح ) : ( أفِراراً من قدر الله ؟ ) ، فقال عمر : ( لو غيرك قالها يا أبا عبيدة !! نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله ، أرأيت لو كان لك إبل هبطت وادياً له عُدوتان ، إحداهما خَصِبة و الأخرى جَدْبَةٌ ، أليس إن رَعيْتَ الخصبة رعيتها بقدر الله ، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله ) ..
و هناك من حدثته نفسه يوماً بالخروج ، و قد استشرى ( الطاعون ) ، فأسْرَجَ حِمارَه، و قفز على ظهره مستعجلاً ، فسخر منه صاحبه قائلاً : ( إنك لن تسبق الله على حِمار ) ..
و من بقِيَّ فهو في ظل قدر الله باقٍ ، و قَدَرُهُ غالِب ..
فقد حكى لي صديقي الصحفي
الودود ( عبدالعظيم صالح ) ، و الذي حبسته الحرب في ( السعودية ) :
( أمي قلنا ليها امشي شندي ، قالت والله ما بمشي ، هِنا الله ، وهِناك الله ) ..
و قعد بعضُ من قعد عجزاً ..
وقد رأيت ، و أرجو أن لا أكون
مخطئاً ، أن أكثر الناس احتمالاً
للنوازل ، هم أقلهم استمتاعاً بمباهج الحياة و نعيمها ، إذ أنهم أشبه بنبات الصحراء ، الذي يحتمل العواصف ، و يعيش على قليل الماء ،
وقد ثبت أن الريح العاصف ، تُحَطِّم دوح الشجر
العالي و شاهق البنيان ، و يسلم منها
ضعيف النبت بالخِفةِ و اللين و التثنى..
عدت لتوي من أحد مساجد الحي ،
بعد أن جمعنا بين صلاتي ( المغرب )
و ( العشاء ) ، جمع تقديم ، و هي رخصة يقتضيها ( المرض ) و ( السفر )
و ( المطر ) و بالطبع ( الحرب ) ..
و كنت مع الذين آثروا البقاء ،حتى
اليوم ، فرأيت مَنْ حولي و هم
يعيشون أوقات عصيبة ، و عصية
على الاستيعاب و التصديق ..
رأيت ..
كيف أمست ( الخرطوم ) غير ( الخرطوم ) ..
فقولوا لي برَبِكم ، ما طعم ( الخرطوم ) ، بدون ( السوق العربي ) ، و ( السوق الأفرنجي ) و ( سعد قشرة ) و ( سوق أم درمان ) ، و ( سوق ليبيا ) ، و ( الكِرين ) و ( المنطقة الصناعية ) !!
و ماطعم ( الخرطوم ) بدون ( جامعة الخرطوم ) و ( الأحفاد ) ، و (الاسلامية )
و الأهلية و ( المتحف القومي ) !!
و ما طعم ( الخرطوم ) و أحياؤها خِلْوٌ من أهليها ،
من ( ذلك الحي ) إلى ( هذا الحي ) ، إلى ( الخرطوم تلاتة ) ،
و انتهاءً ( بحي العرب ) ، حيث جَمَعَ ( المصِيرُ ) بين قممٍ ثلاث ،
الشاعر ( سيف الدين الدسوقي ) ،
و الموسيقار ( ود الحاوي ) ،
و الذري إبراهيم عوض ) ..
( تاني ماتقول انتهينا
تنهي جيل ينظر إلينا
باني آماله و طموحه
و معتمد أبداً علينا
نحن قلب الدنيا ديَّه
و نحن عز الدنيا بينا
تاني ما تقول انتهينا
نحن يادوب ابتدينا ) ..
و عايشت وقائعَ مُزَلزِلة رأيت فيها
كميات من الوجع الحارِق ، تسيل أنهاراً
و تتمدد بِحاراً ، و تتفجر حِمَماً ..
و هي حالٌ ..
عرف معها المرء قَدْرَ نفسه و هوانه
بين يدي الحادثات الجسام ،،
و عرف قَدْرَ ما أوتيه من أنْعُمٍ كان يستصغرها و لا يأبه بها ..
و عرف فيها الناس كيف يتقاسمون
القليل ، و ما هو أقل من القليل ..
و قد رأيت ذلك و لمسته ..
من تقاسُمِ قليل المال ،،
و تقاسُم قليل الطعام ،،
و تقاسُم ضيِّق المكان ،،
و تقاسُم الإشفاق و هَم يوم باكِر ،،
و تقاسُم غاشيات الخواطر و المشاعر ..
و وجدتني آسى أشد الأسى على فقد
من فقدوا ..
فكثيرون فقدوا كل ما يملكون ،،
و كثيرون فقدوا بعضاً من أعزّ ما يملكون ،،
و كثيرون في خَشْيَّةٍ من أن يفقدوا
ما سهروا على جمعه و حيازته مما
يملكون ، فقد تَنْزِعُ المصائبُ كرائمَ
من ربٍ بهِنَّ ضَنينٌ ،،
و كثيرون فقدوا أشياء لاتُشتري ،
و لا تُستعاض ، من مُتعلقاتٍ أثيرة لديهم و حبيبة إلى نفوسهم ،
كانت سلواهم ، و ذكرياتهم ، و منبع سعادتهم ، و مَناط تعلُقِهم ..
و كثيرون ، من قبل و من بعد ، بذلوا أرواحهم رخيصة ، في سبيل أن ننعم
بالحياة غير وجلين من الموت ، ذلك الموت الحق الذي نفِرُ منه فِراراً ..
قيل لإعرابي :
ألا تغزو فإن الله قد أنذرك !! ..
قال : ( و الله إني لأبغض الموت على فِراشي فكيف أمضي إليه رَكْضَا ) ..
و الله عزَّ و جل يقول :
( وَ مَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ كِتَٰبًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِۦ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلْآخِرَةِ نُؤْتِهِۦ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِى ٱلشَّٰكِرِينَ ) ..
و يشاء الله أن تمضي أقداره ..
و الحرب قدر من أقدار الله ، و أقدار الله ما ضية إلى يوم الدين ، و ما على الإنسان إلا التسليم بأن الخير فيما يختار الله ، لذا يلزم أن تكون أحوال المسلم مع أقدار الله المؤلمة ..
١ – الصبر ، و هو واجب ، و هو أن يرى هذا المُقَدَر ثقيل عليه ، لكنه يتحمله ، و هو يكره وقوعه ، و لكنه يعتصم بإيمانه من التبرم و السخط ..
٢ – الرِضى ، و هو مستحب ، و ذلك بأن يرضى الإنسان بالمصيبة ، بحيث يكون وجودها و عدمها سواء ، فلا يشق عليه وقعها
٣ – الشكر و هو أعلى المراتب و ذلك بأن يشكر الله عز و جل على ما أصابه من مصيبة ..
٤ – عدم نسبة المصيبة إلى الله ،
و عدم النظر إليها كشرٍ محض ، بل
يتأمل فيما ورائها من خيرٍ و حكمة ..
٥ – عدم اعتقاد دوامها ، و التفاؤل
بانقشاعها ، عاجلاً أم آجلاً لأن دوام
الحال من المحال ..
٦ – النظر إليها كتمحيص و امتحان
و ابتلاء ، قالوا : ثلاثة يُمتحن بها عقول الرجال و هي ، كثرة المال ، و المصيبة ،
و الولاية أي السلطة ..
٧ – اليقين الجازم ، و التسليم القاطع ، بأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك
و ما أصابك لم يكن ليخطئك ..
قال تعالى :
( قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ )
و قال تعالى :
( وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )
صدق الله العظيم و بلغ رسوله الكريم
و إنا على ذلك لمن الشاهدين ..
أواصل فأقول :
إنه لا يعرف مرارة الفقد إلا من افتقد ،،
و لايُقاسي مرارة التشرد و التيه إلا من تشرد و تاه ،،
و لا يتجرع مرارة ضياع الأحلام إلا من وُئِدت أحلامه ،،
و لا يتذوق مرارة الحُمَّى إلا من باتت الحُمَّى في عظامه ..
ولا يُكابد مرارة الهجران إلا من كابد الهجر ..
و كلها مكارِه ثقيلة الوطأ ، وفوق الاحتمال ..
لذا فإني أرى أن الصبر على المكاره من أشق الأمور على النفس فهو عسير على الكثيرين ، و لكنه عند البعض يسير ،
بما آمنوا و اتقوا و أحسنوا الظن في رحمة الله ..
فإذا كان هناك من لا يحتمل ..
(قلنا نِصَبَّر
لا لا ما بنقدر ) ..
فإن هناك من يحتمل راضياً ..
فعن ( الشعبي ) ، قال ( شُريح ) :
( إني لأُصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات ،
أحمده إذا لم يكن أعظم منها ،
و أحمده إذ رزقني الصبر عليها ،
و أحمده إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو من الثواب ،
و أحمده إذا لم يجعلها في ديني ) ..
إنني لا أجد ما أوصي به نفسي و إياكم
غير الصبر و الحمد كلما تقرَّح فؤادي
برؤية من أحب و ما أكثرهم و قد أضحوا نهباً للأحزان ..
و هي أحزان تسد عين الشمس ..
إذ أنك تظل تحزن و تحزن و من بين
كل حزنٍ و حزن تنبت أحزانٌ و تتكاثر ..
و أنا بين يدي هذه الغُمَّة لن أمضي
مُتحَسِراً مع ( عبدالله البردوني ) ،
في قصيدته ( بين ضياعين ) ..
( كلُّ ما عندنا يزيدُ ضَياعا
والذي نرتجيه ينأى امتناعا
نتشهَّى غداً، يزيدُ ابتعاداً
نُرجِّع الأمسَ لا يطيقُ ارتجاعا
بين يومٍ مضى ويومٍ سيأتي
نزرع الرِّيح نبْتَنيها قِلاعا
والذي سوف نبْتَنيه يُولِّى
هارباً والذي بنَينَا تداعى ) ..
و لكني أرجو الله ، حتى كأنني أرى
بجميل الظن ما الله صانع ، أن يجعل
الخير معقوداً بناصية كل بني و طني
الحبيب ، و قد ظلوا على مر الأيام
يسارعون في الخيرات ..
يُرتِّلون القرآن ترتيلاً ، على أي وضع ، ويعمرون به مساجد و مسايد
و زوايا و حِلَق بعدد الحصى و النبات ،،
و لا تزال ألسنتهم رطبة بالحمد لله ،
و الصلاة على رسول الله ، خير الأنام ،،
و يُطعمون الطعام على حبه مسكينا
و محروما و يتيماً و عابر سبيل ،،
و يُقبلون على الآخر بوجوه ملؤها البشاشة ،
و جوانح مفعمة بالوداد و المحبة ،،
و تجدهم أول من يسارع إلى نجدة
إخوانهم في الدين و العروبة إذا
و قعت بهم واقعة و حزبهم أمر ،،
و هم لا يفتأون يتغنون لوطنهم بحب
و كبرياء ، مهما أحاطت به الخطوب
و غشيته المحن ..
( شمس الصباح .. و الصباح رباح
شمسك يا وطني
طعم النجاح .. الزانو كفاح
طعمك يا وطني
حتى الجراح .. الزمانِنْ راح
مهرك ياوطني
أهلي الفُصاح .. أسياد الصلاح
درعك ياوطني
كل المِلاح .. الجمالن فاح
زينتك ياوطني
إنت عندي كبير و حبي ليك كتير
القومة ليك يا وطني ) ..
فكل الحب لك ياوطني ، وطن الرجال ،،
و كل الأماني العذبة لك ياوطني ،
وطن الجمال ،،
و كل الدعاء و التضرع لك يا وطني ،
بصلاح الحال ..
اللهم اجعل لبني وطني عندك ..
قدم صدق ،،
و مدخل صدق ،،
و لسان صدق ،،
و مخرج صدق ..
و عندها ..
كل شي بتعَوَّض إن شاءالله ..
(و ما تهتموا للأيام
ظروف بتعدي
طبيعة الدنيا زي الموج
تجيب و تودي
ما تهتموا للأيام ) ..
حسن فضل المولى
مصدر الخبر