السياسة السودانية

جعفر عباس يكتب.. الزراف ركوب الجن

[ad_1]

رغم انني تعرضت للطرد من مدرسة وادي سيدنا الثانوية قبل امتحان الشهادة الثانوية بقليل، إلا أن مشاعري نحو الناظر الذي اتخذ ذلك القرار (خالد موسى) لم تكن عدائية، بل وأنا في سنتي الأولى في الجامعة فوجئت بسيارته الفولكس واجن تقطع علي الطريق في “بحري” ونزل منها وهو يصيح: تعال هنا يا محسي يا سجمان، واندفعت نحوه، ورفعت التكليف وبادلته التحية بالأحضان، واكتشفت انه تابع نتائج امتحاناتي انا وزملائي التسعة الذين طردهم من المدرسة، وكان يعرف انني التحقت بكلية الحقوق (القانون) وقال انني احسنت الاختيار، فقلت له انني سأهجر القانون لالتحق بكلية الآداب، فقال: عشان مخك زِنِخ زي ناس الشمالية غادي من اللفة، عايز تسيب القانون
سكنت في داخلية بحر الزراف وهي الأولى عند مدخل البركس الرئيسي، وقام الكيزان بهدمها ومعها داخلية الدندر ومدرسة الخرطوم الثانوية القديمة الملاصقة للبركس، وتم هدم زنازين في واجهة المدرسة كان ابطال حركة اللواء الأبيض محتجزين فيها لبعض الوقت، ثم انتزع الكيزان البركس من جامعة الخرطوم وحولوه الى سكن تجاري لمن يدفع، وكان زميلي في السكن محمد بشارة الذي صار اختصاصيا في امراض الأذن والأنف والحنجرة، وعالج لاحقا بنتي عبير من علة حرمتها من الكلام حتى بلغت سن الرابعة
كان ميم عين شيوعيا يسكن في نفس الغرفة مع ج م عضو الاتجاه الإسلامي، ولم يكن ميم عين يدخل في نقاشات ساخنة مع جيم ميم إلا بعد العاشرة ليلا عندما نهجع لننام، وكان يملك حبالا صوتية من مسد، تهتز لها جدران الداخلية، ولكن الجدل بينهما كان وديا للغاية، فشكلنا وفدا واجتمعنا مع جيم ميم وقلنا له اننا نعرف انه كوز ملتزم، ولكن عليه تغليب المصلحة العامة والخروج من التنظيم كي نحرم صاحبه من فرصة الجدل، فقال لنا: لو انا بقيت شيوعي ميم عين حيبقى كوز عشان بيحب المناقرة والمناظرة، وفي السنة التالية لجأنا الى المشرف على الداخليات ليفض الاشتباك بين الاثنين ويبعد أحدهما الى داخلية أخرى، فنقل “الجوز” الى داخلية أخرى حيث أقاما في نفس الغرفة وظلت حبال الود والجدل بينهما موصولة الى ما بعد التخرج
كان معنا في بحر الزراف “حلبي” حبوب وجدع ومرح ولكنه يصاب بخلخلة في المفاصل مع كل امتحان، وفي نهاية سنتنا الثانية ونحن نستعد لامتحانات حاسمة، وكنت أعاني من امساك فاشتريت علبة ملين اسمه “فام لاكس” من كشك عطية في مدخل البركس، ودخل الحلبي علي وانا اتناول قرصين منهما، فصاح: يا خاين يا لئيم تتعاطى حبوب السهر وتقوية الانتباه من وراء ظهرنا؟ ولم يقتنع بقولي إنها تتعلق بالإمساك، وطلب مني قرصين فكان له ما أراد، فخرج سعيدا، وبعد قليل تفشى الخبر وذاع وعم القرى والحضر، وتوافد زملاء على غرفتي مطالبين بتلك الأقراص، فقلت لهم يا جماعة دي حبوب إمساك، ولكنهم صاحوا: العب غيرها، فتحايلت عليهم وذهبت الى كشك عطية واشتريت علبتي فام لاكس ب10قروش، وعدت وقلت لهم إن الأقراص غالية الثمن وانني اختزن منها ما يكفيني لكل المرحلة الجامعية، وعليه فإنني سأبيع القرص بخمسة قروش (كانت كل علبة تحوي ستة أقراص بطعم الشوكولاتة)، وبعت قرصين لكل من ستة زملاء وربحت 50 قرشا من الصفقة (وكانت تلك أول وآخر صفقة تجارية أجريها)
وأثبتت الأقراص فعاليتها في حرمان متعاطيها من النوم، فقد ظل الجماعة يتسابقون الى الحمامات حتى ساعات الصباح الأولى، فتسنى لهم بذلك “سهر المنام لي وحدي/ يا قسيم الريد فوقك النبي/ وفوقك الصُلاح/ يا فرير دمور الرخص الأرياح”، وبحمد الله لم يرسب منهم أحد في أي ورقة امتحان

[ad_2]
مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى