السياسة السودانية

تقرير أممي: «الدعم السريع» سجنت 10 آلاف شخص في الخرطوم

جنيف، 6 مارس 2025 ـ كشفت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الخميس، عن سجن قوات الدعم السريع أكثر من 10 آلاف شخص في مراكز احتجاز داخل ولاية الخرطوم، توفي منهم المئات بسبب التعذيب والمرض.

ونشرت المفوضية تقريرًا، يغطي الفترة من 15 أبريل 2023 إلى يونيو 2024، عن تجاوزات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي في مرافق الاحتجاز التابعة للجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم.

وقال التقرير، الذي حصلت عليه “سودان تربيون”، إن مفوضية حقوق الإنسان “تأكدت من وجود 39 مرفق احتجاز لقوات الدعم السريع، احتجزت فيها خلال الفترة التي يغطيها التقرير نحو 10 آلاف شخص”.

وأشار إلى أن سجن سوبا يُعد أكبر معتقلات الدعم السريع، يليه مجمع في الرياض شرقي الخرطوم، بالإضافة إلى مرافق متنوعة من البنية الأساسية استخدمت كمرافق احتجاز، بما في ذلك مبانٍ سكنية ومقار حكومية ومراكز شرطة ومدارس ومحكمة وجامعتين وروضة أطفال ومتجر ومصنع، علاوة على ثلاث قواعد عسكرية.

وأفاد التقرير بأن مرافق الاحتجاز توجد في مدن ولاية الخرطوم الثلاث، حيث وُجد 17 في الخرطوم و13 في بحري و9 في أم درمان، مشددًا على أن قوات الدعم السريع تدير عددًا أكبر من مواقع الاحتجاز مما تمكنت المفوضية من تأكيده.

انتهاكات خطيرة

وقالت مفوضية حقوق الإنسان إن نتائج التقرير تكشف عن انتهاكات خطيرة مارسها الجيش وقوات الدعم السريع في مرافق الاحتجاز في الخرطوم، حيث انخرطا في اعتقال المدنيين تعسفيًا لأجل غير مسمى ودون توجيه اتهامات لهم.

وذكرت أن المعتقلين تعرضوا لأشكال عديدة من التعذيب وسوء المعاملة، حيث استخدمت قوات الدعم السريع الضرب والصدمات الكهربائية، كما أن مرافق الاحتجاز التابعة للطرفين تتسم بالاكتظاظ الشديد وسوء التهوية.

وأوضحت أن نقص الغذاء والماء في مرافق الدعم السريع أدى إلى سوء التغذية ووفيات يمكن تجنبها، فيما قاد الحرمان من الرعاية الصحية إلى ارتفاع معدلات الوفيات بسبب الأمراض والإصابات غير المعالجة.

وأفادت مفوضية حقوق الإنسان بأن الجيش وقوات الدعم السريع احتجزوا أطفالًا، كما كان الاحتجاز على أساس العرق والتعذيب منتشرًا على نطاق واسع في أماكن احتجاز الطرفين.

وأضافت: “كثيرًا ما يُحتجز المحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، دون سجلات أو إخطار لأسرهم، فيما كان التعذيب النفسي والتهديد بالقتل والعمل القسري ـ بما في ذلك نقل الإمدادات العسكرية في ظل ظروف قاسية ـ منتشرًا في مرافق الدعم السريع”.

واستند التقرير إلى عمليات الرصد التي أجرتها مفوضية حقوق الإنسان ومقابلات مع 31 رجلًا وثلاث نساء تأثروا بممارسات الاحتجاز في ولاية الخرطوم، ومع 29 محتجزًا سابقًا، ومع 5 أشخاص آخرين وشهود وأفراد من أسر الضحايا.

التعذيب والإذلال

وقال التقرير إن الدعم السريع يستخدم نهجًا منهجيًا في الاحتجاز، حيث يبدأ من نقاط التفتيش التي يتم فيها توقيف المدنيين والأسر، واستجوابهم، وإخضاعهم في كثير من الأحيان للتعذيب الجسدي، قبل أن يُنقلوا إلى مواقع احتجاز مؤقتة.

وروى أحد المعتقلين أنه احتُجز عند نقطة تفتيش قرب منزله، حيث دخل عناصر الدعم السريع إلى المنزل واستجوبوا أفراده، قبل أن يعصبوا عينيه ويقيدوه بالأصفاد.

وأوضح أنه نُقل عبر سلسلة من نقاط التفتيش، حيث يُسلم في كل نقطة إلى مجموعة جديدة من أفراد الدعم الذين ضربوه بشدة بتهمة الارتباط بالجيش وتفتيش هاتفه.

وقال آخر إن الدعم السريع احتجز نحو 40 فردًا بينهم نساء وأطفال، عند نقطة تفتيش قرب مستشفى جنوبي الخرطوم، قبل أن تأمرهم بالركوع وتضربهم بالسياط الجلدية، ومصادرة ممتلكاتهم الشخصية.

وقالت مفوضية حقوق الإنسان إنها تلقت تقارير عن اعتقال الدعم السريع للنساء في مرافق العبور ومراكز الاحتجاز، كما جرى توقيف أطفال لا تتجاوز أعمارهم العامين إلى جانب أمهاتهم.

وأضافت: “في العديد من مراكز الاحتجاز، ورد أن أطفالًا احتُجزوا إلى جانب رجال بالغين، كما تلقت المفوضية شهادة من شاهد عيان عن عنف جنسي ضد النساء في مركز احتجاز بجبل أولياء جنوبي الخرطوم واستغلال في مركز بالمعمورة شرقي الخرطوم”.

ونقلت عن العديد من المعتقلين أن الدعم السريع تعمد حرمانهم من الطعام والماء والرعاية الصحية، معتبرة ذلك جزءًا من استراتيجية أوسع نطاق لإذلالهم.

الإعدام خارج نطاق القضاء

وقال التقرير إن الدعم السريع استخدم التعذيب وسوء المعاملة بشكل منهجي في مجمع الرياض، حيث يتعرض المعتقلون لعمليات إعدام وهمية والضرب المبرح والمعاملة التمييزية على أساس العرق أو الانتماء المفترض إلى الجيش.

وذكر أحد المعتقلين أن أفراد الدعم السريع “كانوا يرشون المحتجزين بالبول من الدلاء الموجودة في الزنزانة كلما تلقت قواتهم هزيمة من الجيش”.

وكشف التقرير عن وجود حوادث تعرض فيها المعتقلون للضرب وسوء المعاملة بشكل جماعي في سجن سوبا شرقي الخرطوم، عقابًا للتواطؤ المزعوم في محاولات الهروب.

وتابع: “في أغسطس 2023 ويناير 2024، أُعدم المعتقلون الذين حاولوا الهرب من سجن سوبا بإجراءات مؤجلة، ثم مُنع البقية عن الطعام لمدة يومين مما أدى إلى زيادة الوفيات بسبب سوء التغذية”.

وقالت مفوضية شؤون اللاجئين إن المعتقلين الذين احتجزتهم الدعم السريع في سجن سوبا بلغ بحلول يونيو 2024 أكثر من 6 آلاف فرد، منهم مدنيون وعناصر الجيش سواء في الخدمة أو متقاعدون.

وذكرت أن الدعم السريع نشر أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم 14 عامًا للعمل كحراس مسلحين داخل مواقع الاحتجاز، خاصة سجن سوبا.

العمل القسري والوفيات

وقالت المفوضية إنها وثقت حوادث أُجبر فيها المعتقلون على نقل الجثث والسلع المنهوبة والإمدادات الغذائية من المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وذكرت أن قوات الدعم السريع تعمدت منح المعتقلين في سجن سوبا حصصًا غذائية ضئيلة ومياه محدودة وملوثة، مما أدى إلى انتشار سوء التغذية وفقدان الوزن وضعف جهاز المناعة.

وأوضحت المفوضية أن الجثث تُجمع في عيادة السجن، حيث تصل شاحنة لجمعها.

وقالت مفوضية حقوق الإنسان إنها تأكدت من وجود 7 مرافق احتجاز يديرها الجيش في الخرطوم، كلها قواعد عسكرية.

وأفادت بأن روايات الضحايا توضح أن الجيش احتجز مدنيين بمعزل عن العالم الخارجي لفترات طويلة مع حرمانهم من الحقوق الأساسية، والتعذيب عبر الضرب بخراطيم المياه وأعقاب البنادق والصدمات الكهربائية.

وأوضحت أن المعتقلين المنحدرين من دارفور وكردفان تعرضوا لتعذيب أكبر ولمدد أطول.


المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى