“ترشيح للقارة الأفريقية والعرب”… هل يحقق المغرب مع إسبانيا والبرتغال حلم استضافة مونديال 2030؟
نشرت في:
يخوض المغرب إلى جانب إسبانيا والبرتغال سباق احتضان مونديال 2030، وفق ما أعلنه في 14 مارس/ آذار عبر رسالة ملكية في كيغالي. وهو حلم قديم جديد، لربما حان توقيت تحقيقه حسب مراقبين، باعتبار أنه “ترشيح للقارة الأفريقية والأوروبية” على حد قول الناقد الرياضي أيمن زيزي، ما يمنحه دعما واسعا، لكنه قد يواجه منافسة “شرسة” من الملف المصري السعودي اليوناني، تبعا لقراءة الصحافي الرياضي المصري إسماعيل محمود، لكن البلدان الثلاثة لم تعلن حتى الآن دخولها السباق، واكتفت بإطلاق احتمالات بهذا الخصوص فقط.
استطاع المغرب أن يبني اسما كبيرا له في عالم كرة القدم بفضل الإنجازات التي حققها “أسود الأطلس” في مونديال قطر 2022، والذي بلغ فيه نصف النهائي في إنجاز تاريخي غير مسبوق أفريقيا وعربيا، ويعمل اليوم على استثماره لتحقيق حلم جديد قديم له باستضافة نهائيات كأس العالم.
وكشف المغرب عن رغبته في استضافة مونديال 2030 في رسالة ملكية تلاها وزير التربية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى في 14 مارس/آذار بكيغالي، بمناسبة تسليم جائزة التميز لعام 2022 للعاهل المغربي محمد السادس من الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، تكريما له على ما حققته الكرة المغربية.
إعلان ترشح المغرب لاستضافة مونديال كرة القدم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال
ويترشح المغرب لتنظيم مونديال 2030 إلى جانب كل من إسبانيا والبرتغال. وكان البلدان أعلنا في 2021 نية الترشح لاستضافة المونديال، قبل ضم أوكرانيا إلى الملف المشترك في تشرين الأول/أكتوبر 2022 إلا أنه تم التخلي عنها لشبهات بالفساد تحوم حول رئيس اتحاد كرة قدم هذا البلد الأوروبي، الذي بات يواجه اعتداء روسيا لأراضيه. لكن الاتحادين البرتغالي والإسباني للعبة أكدا أن ترشيح بلديهما بجانب المغرب لا يعني بالضرورة إزاحة أوكرانيا.
وجاء في بيان مشترك لاتحادي كرة القدم الإسباني والبرتغالي أنه “سيتم الانتهاء من مسألة مشاركة أوكرانيا بالملف في الوقت المناسب، بسبب الوضع في البلاد ورئيس الاتحاد الأوكراني لكرة القدم أندري بافلكو الموقوف حاليا عن مهامه”.
للمزيد- كيف استفاد المغرب من “دبلوماسية الكرة” لتلميع صورته عربيا ودوليا؟
ترشح المغرب خمس مرات لاستضافة المونديال في 1994 و1998 و2006 و2010 و2026، أبرزها في 1998 عندما نال 7 أصوات مقابل 12 لفرنسا وفي 2010 عندما نال 10 أصوات مقابل 14 لجنوب أفريقيا. وأحرز في تصويت استضافة نسخة 2026 المقبلة 65 صوتا مقابل 134 للولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وستكون المرة الثانية في تاريخ اللعبة التي يستضيف فيها المونديال أكثر من بلد واحد بعد نهائيات كأس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان.
أبعاد الترشيح المشترك
لم ينتظر المغرب كثيرا للتعريف بهذا الترشيح بل انتهز فرصة الإعلان عنه في كيغالي لبسط أبعاده الرياضية والتنموية، معتبرا أنه يُعدّ سابقة في تاريخ كرة القدم، وسيحمل عنوان الربط بين أفريقيا وأوروبا، وبين شمال البحر الأبيض المتوسط وجنوبه، وبين القارة الأفريقية والعالم العربي والفضاء الأورومتوسطي.
واعتبرت الرسالة الملكية التي جاءت بخبر الترشيح أن هذا الحدث “سيجسد أسمى معاني الالتئام حول أفضل ما لدى هذا الجانب أو ذاك، وينتصب شاهدا على تضافر جهود العبقرية والإبداع وتكامل الخبرات والإمكانات”.
من جانبهما، أكد رئيسا الحكومتين الإسبانية والبرتغالية أن ضم المغرب إلى ملف بلديهما المشترك لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030 “يعزز” حظوظهما بالفوز ويبعث برسالة وحدة بين أوروبا وأفريقيا.
للمزيد- موتسيبي: فخورون بإنجاز المغرب وهدفنا فوز دولة أفريقية بكأس العالم
وقال رئيس الوزراء البرتغالي أنتونيو كوستا خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الإسباني بيدرو سانشيس في لانزاروت في جزر الكناري: “أعتقد أن ترشيح شبه الجزيرة الإيبيرية مع المغرب له وزن ورسالة مهمة جدا للعالم وخاصة لأوروبا وأفريقيا”.
وأضاف من الجزر الواقعة غرب المغرب في المحيط الأطلسي: “نحن قارتان متجاورتان ونريد العمل معا. لسنا قارتين بعيدتين ترغبان في المنافسة، ولكن على العكس، نرغب في الاحتفال سويا بالرياضة وجميع القيم المرتبطة بالرياضة”.
والمحاولات المتكررة للمغرب في نيل شرف تنظيم المونديال نابعة من “رؤية تنموية للمدى القريب والمتوسط”، حسب الناقد الرياضي والمهندس الإعلامي المغربي أيمن زيزي. “فتنظيم كأس العالم ليس هو فقط تنظيم تظاهرة رياضية كبرى، ولكن هو كذلك فرصة لاستثمار النجاح الذي عرفه المغرب في مونديال قطر. وسيكون ثمرة لشراكة قوية وتاريخية أسست من جديد مع الجار الإسباني. نعرف أن هناك تقارب كبير بين الطرفين. هناك برنامج تنموي مشترك. هناك أهداف مسطرة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي أيضا”.
حظوظ المغرب وإسبانيا والبرتغال
وبشأن حظوظ هذا الثلاثي في تنظيم المونديال، يرى زيزي أنه “إذا دعم كل من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي هذا الترشيح فهذا سيمنح المغرب وشريكيه حظوظا وافرة جدا لاستضافته، بحكم أن مجموع الأصوات بين القارتين يصل إلى 108 أصوات وهو ما يشكل نصف الأصوات التي يعبر عنها لاختيار الجهة المنظمة. وبإمكان المغرب أن يستقطب الأصوات العربية والعديد منها يتعاطف معه. والمغرب يقدم ترشيحه اليوم كترشيح للقارة الأفريقية وللعرب باعتبار أنه كان ممثلهم في المونديال”.
ويمكن أيضا أن ينال دعما أوروبيا وأفريقيا لأن هذا الترشيح، حسب زيزي، “يعطي مفهوما جديدا للعلاقات بين القارتين الأفريقية والأوروبية تحت عنوان رابح رابح… وهي المنهجية الجديدة التي يحاول المغرب التسويق لها في السنوات الأخيرة”، في سياق “شراكة مع أوروبا يستفيد منها الجميع بدون أن تكون بعقلية المستعمر أو المستفيد الواحد”.
ومن جانبه، يرى الصحافي المصري الرياضي إسماعيل محمود في الترشيح المغربي بهذه الصيغة بأنه “قرار ذكي، فالملف يحظى بدعم وتأييد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الذي سيسعى لاستضافة البطولة داخل القارة، ويتميز أيضا بالقرب الجغرافي بين الدول الثلاث، الأمر الذي يمنحه ميزة إضافية، وهي بلدان تتمتع ببنية تحتية ممتازة، وبالمقارنة مع الملف المنافس الوحيد حتى الآن من دول قارة أمريكا الجنوبية، فهو يتفوق عليه خاصة عندما نتحدث عن البنيات التحتية والملاعب المقرر أن تستضيف البطولة، إضافة للدعم الهائل الذي سيحظى به”.
ويضيف محمود، الصحافي بجريدة “الدستور” المصرية، أن “المغرب يهدف منذ فترة بعيدة لاستضافة المونديال، وأعتقد أن قرار انضمامه لملف إسبانيا والبرتغال قد يجعل حلمه واقعا، المغرب أساسا كان ينوي التقدم لاستضافة ذلك الحدث، لكن ذلك الحلم كان من الممكن اعتباره مستحيلا إذا ترشح بمفرده أو حتى برفقة دول الجوار من البلاد العربية، لاستضافة تلك النسخة خاصة في ظل قوة الملفات المترشحة”.
للمزيد- فيفا سيرفع عدد المنتخبات المشاركة إلى 48 بدلا من 32
وفي ذات السياق، يلفت زيزي إلى أن “المغرب كان أول بلد يعلن ترشحه لمونديال 2030، وكان مباشرة بعد الإعلان عن فوز الثلاثي الولايات المتحدة والمكسيك وكندا بتنظيم التظاهرة في 2026. فقط الغموض كان يسود الصيغة التي سيقدم بها هذا الترشيح إن كان سيترشح لوحده أو بمعية دول أخرى وهو ما اتضح في المؤتمر السنوي للاتحاد الأفريقي في كيغالي بإعلانه عبر رسالة ملكية ترشحه للسباق إلى جانب إسبانيا والبرتغال”.
في مواجهة ملف قوي؟
وإضافة إلى الترشيحين المغربي الإسباني والبرتغالي من جهة والأرجنتيني التشيلي بمعية الأوروغواي والباراغواي من جهة ثانية، من المحتمل أن يواجه المغرب وشريكاه ملفا يعتبره مراقبون قويا وهو لكل من السعودية ومصر واليونان في حال تقدمت الدول الثلاث بملفها.
يذكر أنه في سبتمبر/ أيلول 2022، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الشباب والرياضة المصرية محمد فوزي أن بلاده تدرس مع السعودية واليونان الترشح بملف مشترك. وبدوره، أفاد وزير الرياضة السعودي الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل وكالة الأنباء الفرنسية مطلع الشهر الماضي بأن بلاده لم تقدم ملف ترشح، مؤكدا في الوقت نفسه أن “كل شيء ممكن”.
ويبقى هذا الملف حتى الآن في دائرة الاحتمال، وفي حال ترسيمه، يتنبأ إسماعيل محمود بأنه “سيحظى بدعم الدول العربية والاتحاد الأفريقي، أما ملف البرتغال وإسبانيا فهو ملف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم… وبمجرد أن يتم إطلاقه فسنشهد صراعا شرسا بين الملفين… فملف مصر والسعودية سيحظى بدعم القارتين الآسيوية والأفريقية، وهو ما قد يرجح كفته…”.
لكن في الوقت الحالي نحن أمام ملفين، الأول للمغرب، إسبانيا والبرتغال، والثاني للأرجنتين وتشيلي والأوروغواي والباراغواي، وبرأي صحافي جريدة “الدستور” المصرية، “إذا تم الاختيار بين هذين الملفين فأعتقد أن ملف المغرب وشريكيه سيكتسح…”.
ومن المرتقب أن يعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عن هوية الجهة المضيفة لمونديال 2030 في 2024. فهل سيحقق المغرب حلما طالما راوده في استضافة هذا العرس الكروي العالمي؟
بوعلام غبشي
المصدر