تحمل شهادات رفيعة سودانية تناضل من أجل مكافحة التغير المناخي في السودان
مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر الأطراف بشأن المناخ برعاية الأمم المتحدة في مصر، تقول الناشطة السودانية نسرين الصائم إنها ستشارك به لتطالب بدعم الديموقراطية في بلدها الفقير وبإجراءات عاجلة لحماية البيئة في ظل التغير المناخي الذي يزيد من هشاشتها.
وبدأت الصائم ذات السبعة وعشرين عاما والتي تحمل شهادة في الفيزياء ومصادر الطاقة المتجددة، نشاطها قبل ما يقارب عقد من الزمن، ودقت ناقوس الخطر بشأن تزايد مخاطر الاحترار المناخي في بلدها الواقع في شمال شرق إفريقيا، وتعتبر اليوم أن مكافحة هذه الظاهرة المنتشرة على مستوى العالم، والديموقراطية في السودان الذي يعيش مرحلة انتقالية صعبة سعيا الى التغيير السياسي، أمران متلازمان.
منذ العام 2020، أصبحت الصائم رئيسة لمجموعة الأمم المتحدة الاستشارية للشباب بشأن التغيير المناخي، وهي اليوم وجه بارز من وجوه الناشطين الأفارقة.
وقالت الصائم في مقابلة مع وكالة فرانس برس في منزلها في الخرطوم “في السودان، يجب إعطاء الأولوية لتغيّر المناخ”، مشيرة الى أن السلطات السودانية لم تولِ التغير المناخي سوى القليل من الاهتمام، على الرغم من أنه جزء اساسي في الأزمات التي تشهدها البلاد منذ سنوات.
وتضيف “هطلت الأمطار في السودان بصورة غير منتظمة وغير اعتيادية، ما أدى الى فيضانات مدمرة تسبّبت في دمار الممتلكات والبنية التحتية والأراضي الزراعية. ورُصد أيضا ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، واختفى فصل الشتاء نهائيا”.
وطقس السودان شبه جاف وحار معظم أوقات السنة، مع ارتفاع في درجات الحرارة في الصيف يتجاوز 43 درجة. هذه السنة أيضا، تسببت الفيضانات بمقتل 150 شخصا. وتتضاءل موارد البلاد الطبيعية، ما أدى الى نشوب صراعات ذات طبيعة عرقية على مرّ السنين في عدد من المناطق النائية.
وتتابع نسرين “مثل هذه الصراعات سببها في المقام الاول الندرة. وسبب الندرة هو تغير المناخ”.
في العام 2003، اندلع نزاع دام في إقليم دارفور في غرب البلاد عندما حملت مجموعات تنتمي الى أقليات إفريقية السلاح ضد حكومة عمر البشير التي كان يهيمن عليها العرب. واستعانت الحكومة بمليشيات عربية من الرعاة البدو أطلق عليها اسم “الجنجويد” الذين اتهموا بتنفيذ انتهاكات عدة. وتسبّب القتال في دارفور بمقتل 300 ألف شخص وفرار 2,5 مليون من منازلهم وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.
ووصف بعض المحللين نزاع دارفور بأنه “أول صراع ناتج عن التغير المناخي في العالم”. وقال الأمين العام السابق للأمم المتحدة في عام 2007 “بدأ نزاع دارفور كأزمة بيئية”، مضيفا “ليس من قبيل المصادفة اندلاع عنف في دارفور خلال فترات الجفاف”.
تقدم ضئيل
ومع تراجع النزاع الرئيسي في دارفور، لا يزال الإقليم يشهد بين الحين والآخر معارك دامية سببها التنازع على المياه أو الأراضي، ويزيد من حدة هذه الصراعات انتشار السلاح. وتشدّد الصائم التي شاركت في الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالبشير في العام 2019، على أن التحرك في مجال التغيير المناخي يجب أن يكون جزءا من المطالبة بالحكم المدني.
وشهد السودان خلال السنة الماضية احتجاجات منتظمة عقب انقلاب 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021 الذي قاده قائد الجيش عبد الفتاح البرهان. وأطاح الانقلاب بالمدنيين الذين كانوا يشاركون العسكريين في السلطة الانتقالية.
وتقول الصائم بفخر “لم أفوّت أي تظاهرة”، داعية الى عودة المدنيين الى السلطة. وتندّد بأداء العسكريين في بلد تبلغ فيه نسبة الشباب تحت الثلاثين عاما 62 في المئة، وتتقلّص فيه مجددا منذ الانقلاب حرية التعبير. رغم ذلك، تتمسك بمتابعة النضال، وتردّد حيثما ذهبت، في نيويورك وباريس والخرطوم الرسالة التي تحملها باسم أبناء جيلها: يجب وضع حد للنزاعات وإنقاذ الكرة الأرضية.
وتنتقد الدول المتقدمة التي تتحمّل المسؤولية الأكبر في التغير المناخي، لكنها تدعو أيضا السودان الى اتخاذ إجراءات جذرية. وتشدد “لا بدّ من إعادة النظر في طريقة زراعتنا وتحسين إدارتنا للمياه”، و”هناك ضرورة لوقف استعمال الفحم مصدر للطاقة”. بحسب الصيحة
وتشير الى أنها تشارك منذ سنوات في قمم المناخ، لكن التقدم المحرز “ضعيف للغاية”. لكن ذلك لن يمنعها من إعادة طرح القضايا التي تؤمن بها أمام مؤتمر الأطراف الذي سيعقد في مصر في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. وتقول “على الرغم من أن التقدم الضئيل لن ينقذنا، إلا أنه لا يزال أفضل من لا شيء”.
راديو مونت كارلو
مصدر الخبر