رغم التطور في شتى مناحي الحياة العامة فإن “تاكسي الخرطوم” الأصفر ظل يقاوم الاندثار ويرفض مغادرة الشوارع ويحمل المواطنين إلى وجهاتهم المختلفة وهو يترنح من شدة الإهمال.
ترتص وسط العاصمة السودانية المئات من سيارات الأجرة المتهالكة في انتظار ربما يطول لساعات للحصول على راكب بعد ظهور أنواع جديدة من السيارات تعمل بتطبيقات النقل الحديثة.
وبحسب تقرير لوكالة الأناضول، يشكل التاكسي أهم وسيلة نقل بالسودان في الماضي، وهو بمثابة مرشد ودليل سياحي، وظل محافظا على مكانته لدى كبار السن ممن يحنون إلى الماضي.
وأغلب السيارات القديمة التي كانت تجوب شوارع الخرطوم من صناعة بريطانية، ولاحقا دخلت الخدمة السيارات الروسية ثم اليابانية عام 1978.
وقد أثرت التقنيات الحديثة كثيرا على التاكسي التقليدي، لكن سائقيه يحاولون بقوة من أجل البقاء من خلال معرفتهم ودرايتهم التامة بشوارع ومعالم العاصمة بمدنها الثلاث، الخرطوم وبحري (شمال) وأم درمان (غرب)، وجميع المواقع الحيوية والسياحية والأثرية.
وتذكّر السيارات القديمة أصحابها بتاريخ الخرطوم في ستينيات القرن الماضي عندما كان التاكسي إحدى العلامات المميزة للمدينة التي كانت تعج بالسياح والحركة التجارية، قبل أن تفقد بريقها ولمعانها خلال السنوات اللاحقة.
ودخلت سيارات الأجرة إلى العاصمة السودانية إبان الحكم البريطاني في عام 1937، وتم تجديد أسطولها آخر مرة عام 1978.
وتحمل هياكل سيارات التاكسي القديمة علامات الإصلاحات المتكررة وتقشر طلائها، فيما ينتظر سائقوها المتقدمون في السن الزبائن لكن بلا جدوى في بعض الأحيان.
مهنة عصية على الاندثار
وقال عبد المنعم محمد رئيس وحدة نقابة التاكسي في الخرطوم (غير حكومية) “أعمل في مهنة التاكسي منذ عام 1996، والتاكسي بالنسبة إلينا مملكة عصية على الاندثار، وسائق التاكسي بمثابة رمز للبلاد يكافح ويناضل من أجل مهنته التليدة”.
وأضاف أن “التاكسي لا يمكن أن ينتهي بين عشية وضحاها، وسيظل باقيا إلى أن تقوم الساعة”.
وطالب الدولة بـ”تحديث وتجديد التاكسي، خاصة أن السيارات الموجودة حاليا قديمة ولا يمكنها مواكبة التحديث المستمر في الموديلات الجديدة للسيارات”.
وأضاف “نطالب بسيارات حديثة (..)، سائق التاكسي يناضل من أجل توفير لقمة العيش لأبنائه الذين يدرسون في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية”.
وتابع “كان لدينا في النقابة أكثر من 3 آلاف سيارة تاكسي، لكن حاليا تقلصت إلى حوالي ألف سيارة”.
سائق التاكسي
بدوره، يقول سائق التاكسي ميرغني خلف الله “أعمل في هذه المهنة منذ عام 1977، تاكسي الخرطوم ظل يقاوم منذ 1939”.
وأضاف أن “جهات عديدة حاولت إدخال أنواع حديثة من السيارات من أجل محاربتنا، وما زال التاكسي صامدا وسيظل”.
وقال “الآباء الذين يعملون في مهنة التاكسي علموا أبناءهم في الجامعات بعرق المهنة، أعرف منهم من تخرجوا في مجالات الهندسة والطب والمحاماة والتعليم”.
أما المواطن السوداني عبادي وقيع الله فذكر أنه “رغم ظهور وسائل النقل الحديثة فإن التاكسي القديم ظل محافظا على نفسه ودوره وأداء رسالته بأقل الأسعار”.
وأضاف أن “التاكسي القديم يطوف ويجول في أطراف العاصمة الخرطوم بأسعار رمزية مقارنة بالسيارات الحديثة التي تعمل في المجال”.
واستدرك “وسيلة التاكسي محترمة، ولديها تاريخ أزلي في السودان، وقدمت الكثير للمواطن”.
المصدر : وكالة الأناضول
مصدر الخبر
