بيض البرهان وبيض حميدتي! – النيلين
[ad_1]
في ذاكرة التاريخ عدة روايات وقصص يمكن أن نستلهم منها العبر والحكم، والتي يمكن إسقاطها على الواقع السوداني الآن، ومن هذه الروايات قصة الرجلين وتحدي البيض.
تقول الرواية بأنه كان هنالك رجلين في المدينة من كبار التجار، وكانا يتنافسان بصورة دائمة على نيل أكبر حصة من السوق، وكانا يشتهران ببيع المنتجات الغذائية بشكل خاص، ولديهما مزارع ومصانع لهذا الغرض، وكان التاجر الأول يمتاز بالصدق والأمانة والتعامل الجيد مع سكان المدينة، بينما التاجر الثاني يميل إلى الخداع والمكر والغش في البيع، وكون ثروته من خلال عمليات البيع الفاسدة.
كان هنالك منصب لكبير التجار بالمدينة، وقد اقترب موعد اختيار شاغل المنصب الجديد بعد وفاة كبير التجار السابق، وكانت هنالك لجنة مشرفة لتنظيم عملية الاختيار، حيث أعلنت عن الطريقة التي سيتم بموجبها اختيار صاحب المنصب الجديد، وهي بأن يقوم كل تاجر بجمع أكبر كمية من البيض، وتم تحديد يوم بواسطة اللجنة للفرز، بحيث يكون الفائز بالمنصب هو من يخرج من البيض الذي جمعه أكبر عدد سليم من صغار الدجاج “كتاكيت”، ومن تكن لديه نسبة البيض الفاسد أكبر فهو الخاسر بالتأكيد.
وفي اليوم المشهود بدأ حساب عدد “الكتاكيت” السليمة لكل تاجر من البيض، ليتساوى الطرفان في ذلك، وتقرر اللجنة عمل جولة جديدة من تحدي البيض، وفي هذه المرة عرف التاجر الثاني بأن الغلبة ستكون لدى التاجر الأول وسيفوز؛ لأن لديه مزارع أكبر ويستطيع توفير أكبر عدد من البيض السليم والذي يمكن أن ينتج صغاراً سليمة، وهو في الجولة الأولى اضطر لأن يحضر بيضاً من خارج المدينة للمشاركة في التحدي لأن معظم البيض الذي بحوزته فاسد، وهذه المرة لن يستطيع ذلك، فلجأ إلى أسلوب إجرامي، وهو أن قام بإرسال رجاله قبل يومين من “تحدي البيض” إلى مزارع التاجر الأول، حيث قاموا بتكسير أكبر كمية ممكنة من البيض حتى لا يستطيع التاجر الأول منافسته ويفوز بالمنصب. وعندما اكتشف التاجر الأول المصيبة التي حلت ببيضه حزن حزناً شديداً، خاصة وأن ذلك تم بخيانة من بعض حراس مزارعه الذين تعاونوا مع التاجر الأول، وكاد أن يعلن الانسحاب ويُقر بالهزيمة قبل يوم التحدي، لكن نصحه أحد مستشاريه بالتريث، وقال له لدي فكرة واتركني سأقوم بتنفيذها.
في يوم التحدي المشهود كان التاجر الثاني واثقاً من الفوز فقد استطاع تدمير بيض التاجر الأول وبالتالي لن يستطيع منافسته في الفوز بالمنصب، وبدأت اللجنة المنظمة بحصر الكتاكيت السليمة لدى التاجر الثاني، الذي شرع في الاحتفال باللقب مبكراً. ثم انتقلت اللجنة إلى حصر بيض التاجر الأول، لتكون المفاجأة بأن عدد “الكتاكيت” السليمة، أكبر من التي تم حصرها لدى التاجر الثاني، فقد قام مستشاره بتنفيذ خطته الذكية وهي أن طلبه لكل من يُحب التاجر الأول من سكان المدينة بأن يحضر أكبر كمية من البيض المخصب إلى مكان التحدي، ليكون بمثابة إعلان تعبئة وقياس لمدى حب أهل المدينة للتاجر الأول والذي يمتاز بالصدق والأمانة. تم إعلان التاجر الأول فائزاً بمنصب كبير التجار وسط احتفالات ضخمة، بينما خرج التاجر الثاني من المدينة ذليلاً منكسراً من الهزيمة.
الآن فإن “البرهان” قائد الجيش السوداني قد فطن أخيراً بأن البيض القليل لا يكفي لإخراج “كتاكيت” سليمة تكفي للفوز في هذه الحرب العبثية، وبأن البيض الفاسد من حوله “الخونة”، هو أكبر مهدد لتحقيق الانتصار السريع، وبأن فتح باب التعبئة والاستنفار قد يساعده في جمع عدد أكبر من المقاتلين المتحمسين لنصرته والزود عن السودان كدولة مهددة من طرف طامع. بينما نجد بأن “حميدتي” قائد الدعم السريع لم تشفع له مزارعه لإنتاج بيض يكفي للفوز، ولا حتى زائداً البيض المستورد من الخارج، أو محاولته لتدمير بيض منافسه، فالنتيجة واحدة هي الخسران المبين.
أحمد إبراهيم – “ود سنجة”
“كوش نيوز“
مصدر الخبر