السياسة السودانية

بيات شتوي لأسواق السودان… وتهاوي القدرة الشرائية

تسبب ثالوث الغلاء والرسوم الحكومية والكساد في حالة إحباط عامة وسط تجار السودان وأصحاب المصانع والمنتجين عامة، وأدى التراجع الحاد في الحركة الشرائية بالأسواق، التي صارت شبه خاوية من المشترين، إلى تعمق الأزمات الاقتصادية في البلاد.

وفشلت خطوة بعض التجار في الخرطوم بخفض أسعار السلع الاستهلاكية في استقطاب المواطنين للأسواق التي دخلت بياتاً شتوياً مبكراً.

وحسب مراقبين، لا تزال الأسواق تواجه نقصا كبيرا في حركة النقود في ظل شكوى تجار ومواطنين من انعدام السيولة رغم وفرة سلع أساسية، ما دفع الكثير من التجار إلى مغادرة العمل التجاري، خاصة بعد عجز المستهلك حتى عن شراء الاحتياجات الأساسية ومنها ملابس الشتاء.

جولة في الأسواق
في جولة بأسواق العاصمة الخرطوم، أكد مواطنون لـ”العربي الجديد” أن تهاوي قيمة الجنيه مقابل الدولار من أبرز الأسباب التي أدت إلى تدهور الأوضاع المعيشية، وإحجام الناس عن الشراء، خاصة مع بداية العام الدراسي الجديد وزيادة تكاليف الحياة على الأسر، ودخول فصل الشتاء.

قالت زينب توفيق (موظفة وربة منزل) إن الأوضاع المعيشية وصلت إلى مرحلة صعبة، جعلت كثيرا من الأسر تبيع مقتنياتها المنزلية بأرخص الأثمان ولا تجد مواردا مالية تشتري بها السلع الأساسية بما فيه ملابس الشتاء.

وأكدت لـ”العربي الجديد” أنه حتى الذين يتقاضون رواتب عالية، أصبحت رواتبهم لا تغطي مصروفاتهم الشهرية، مشيرة إلى أن الظروف المعيشية الصعبة بدورها تركت آثارا سلبية، من بينها ظهور الجريمة والبطالة وزيادة نسب الفقر وعدم الأمان في البلد.

صرخة التجار
من جانبهم، أكد تجار لـ”العربي الجديد” أن تجارتهم دخلت في بيات شتوي مبكر، في ظل ضعف الإقبال على الشراء. وقال تاجر في سوق محلية أم درمان، محمد آدم، إن ركود الأسواق سيد الموقف رغم استقرار أسعار السلع الاستهلاكية، متوقعاً عدم رفع الأسعار خلال الفترة المقبلة نتيجة لضعف القوى الشرائية.

وأوضح أن سعر جوال السكر زنة 50 كيلوغراماً انخفض إلى 30 ألف جنيه من 50 ألفا، إلا أن الحركة الشرائية ما زالت ضعيفة. وعزا تاجر سلع في مدينة بحري، عوض إبراهيم، استقرار أسعار السلع إلى الوفرة في البضائع والركود العام، وتوقع المزيد من تراجع أسعار كل أصناف السلع الاستهلاكية تزامناً مع تراجع أسعار العملات.

وشكا تاجر التجزئة في الخرطوم فتح الله محمد، لـ”العربي الجديد”، من استمرار أزمة تراجع الشراء رغم تراجع أسعار بعض السلع الضرورية، خاصة زيوت الطعام التي انخفضت من 20 ألفا إلى 18 ألف جنيه للعبوة زنة 36 ليتراً من زيت الفول، مبينا حدوث وفرة في الإنتاج المحلي من السلع كافة، مقابل ندرة طفيفة وارتفاع في السلع المستوردة بسبب مشاكل زيادة الرسوم الأخيرة على الموردين.

وقال تاجر الجملة إبراهيم عيسى، لـ”العربي الجديد”، إن هناك احتمالات بحدوث ندرة في بعض السلع، كالألبان المجففة والأرز والعدس، بسبب إحجام المستوردين عن العمل، داعيا السلطات السودانية إلى ضرورة وضع حد لحالة الكساد والركود التي تضرب الأسواق السودانية كلها.

تكدس مواد البناء
قال عدد من تجار مواد البناء، لـ”العربي الجديد”، إن المواطنين صاروا غير راغبين في الشراء، وهناك تكدس كبير في سلعتي الإسمنت وحديد التسليح لدى تجار التجزئة والجملة والوكلاء وفي المصانع منذ مدة طويلة، واصفين المشتريات اليومية بأنها دون الطموح.

وأشار بدر الدين حسين (تاجر إسمنت وحديد تسليح في الخرطوم بحري)، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى “حدوث شلل كبير في حركتي البيع والشراء، ما يدفعنا للبيع بأقل الأسعار رغم التكلفة العالية، لنتمكن من مقابلة التزاماتنا الأسرية وسداد ديوننا للمصانع وغيرها”، مبينا أن سعر طن إسمنت عطبرة تراجع من 132 ألفا إلى 122 ألف جنيه، وقنا المصري بسعر من 115 ألفا إلى 110 آلاف جنيه سوداني.

الجديد”، إن الركود المحلي وارتفاع الرسوم الحكومية خاصة الضريبية، لأكثر من 500%، تسببا في زيادة الكساد وتراجع الأرباح للحدود الدنيا. وقال إن سعر طن الحديد تراجع بنسب متفاوتة حسب كل مصنع.

ركود الذهب
رصد “العربي الجديد” في جولته على أسواق الذهب بالخرطوم حدوث إقبال ملحوظ من قبل المواطنين، ليس طلبا للشراء وإنما لبيع مقتنياتهم من الذهب لمقابلة الضائقة المعيشية وارتفاع الأسعار.

وقال التاجر علي بابكر إن أغلب الوافدين إلى معرضه هم من الباعة وليسوا مشترين، لافتا إلى أن سعر غرام الذهب الخام بلغ 27 ألف جنيه، ويتراوح المشغول بين 35 ألفا و45 ألف جنيه (الدولار = نحو 577 جنيها).

وأكد التاجر محمد علي أحمد، لـ”العربي الجديد”، حدوث ضعف في القوى الشرائية بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يشهدها السودان، والتي دفعت المواطنين للإحجام عن الشراء والاكتفاء بالبيع فقط.

العربي الجديد

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى