براكين الغل
بقلم: حسين اركو مناوى تجمع أهل القرية نساءً ورجالاً في مكان واحد, ولم يتخلف أحد, وقد أخذتهم الفاجعة من حيث لا يحتسبون. ” لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم” تحوقل إبراهيم وهو ينظر إلى وجوه الرجال الذين أرهقهم جهد إطفاء النيران, لا يكادون يصدقون حجم الكارثة وقد ارخى الذهول ذيله,وكان منهم من يعاني حروق, بعضها خطرة. ردد الجميع الحوقلة وفى سيماهم الغضب والتوتر. من بين الحضور كان الشيخ إسحاق وهو رجل ناهز الستين من عمره , ذو لحية كثيفة , شديد بياضها وله شوارب تقوست من أطرافها إلى الأعلى قليلا. جلس مطاطئ الراس, عيناه الغائرتان قد اختفتا تحت حاجبيه. ومن خلفه وعلى مسافة ليست ببعيدة جلس رجلان , يحدقان البصر نحوه ويوسوسان بهمس خافت للغاية, ولا يريدان أن يسمع الناس حديثهما فقال أحدهما ” الحريق بفعل فاعل, لعنة الله على الحُسّاد”.. النسوة يجلبن ماء الشرب للقوم بآنية من الفخار والقَرعيات وكان الوقت صيفاً ودرجة الحرارة مرتفعة ومع لهيب الحريق تحول الجو إلى ما يشبه فرن تكاد تنصهر من حرارته الحياة. الحريق التهم معظم بيوت القرية إلا قليل منها, ولم تنجو ألا البيوت المتطرفة والواقعة عكس الرياح ومنها منزل الشيخ إسحاق الذي يقع على مسافة عن بقية المنازل فى الطرف الجنوبى الشرقي , بينه وبين بقية المنازل تفصلهم ساحة جرداء …
The post براكين الغل appeared first on سودان تربيون.
المصدر