باريس تستضيف قمة من أجل “ميثاق مالي عالمي جديد” لمواجهة تبعات التغيرات المناخية ومكافحة الفقر
[ad_1]
نحو 50 رئيس دولة وحكومة مجتمعون في باريس يومي الخميس والجمعة في قمة من أجل “ميثاق مالي عالمي جديد” بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وتسعى القمة في النهاية إلى وضع حجر الأساس لنظام مالي عالمي جديد، يمكّن الدول النامية من مواجهة تبعات تغير المناخ ومكافحة الفقر. وخلال افتتاح القمة، دعا ماكرون إلى “صدمة مالية عامة ورفع “التمويل الخاص” لمساعدة الدول الفقيرة.
نشرت في:
أكثر من 40 رئيس دولة وحكومة وممثلون عن المؤسسات المالية العالمية ورؤساء مؤسسات وشركات من القطاع الخاص من حول العالم ومنظمات من المجتمع المدني يجتمعون في باريس الخميس والجمعة، للمشاركة في تظاهرة عالمية جاءت بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمحاولة إعادة تشكيل النظام لاقتصادي العالمي، وطرح فكرة “إنشاء عقد جديد بين الشمال والجنوب”، حسب بيان لقصر الإليزيه.
وسيناقش الحشد السياسي والمدني الذي تستضيفه باريس الحاجة لتخصيص أموال طائلة لمواجهة آثار أزمة تغير المناخ ومكافحة الفقر. وعلى تويتر، غرد ماكرون أمس الأربعاء قائلا “أشعر بأنه يمكننا إحداث فرق كبير لكوكب الأرض وفي مجال مكافحة الفقر”.
وكان ماكرون قد أعلن عن هذه المبادرة في كانون الثاني/نوفمبر 2022، في نهاية مؤتمر COP27 المناخي (الذي استضافته مصر)، الذي انتهى بعدم رضى النشطاء والمدافعين عن البيئة، لكنه تمكن من تأمين اتفاق دولي تاريخي على إنشاء صندوق لدعم الدول الفقيرة بمواجهة تأثيرات التغيرات المناخية. ومن المفترض أن تشمل المواضيع التي ستناقشها قمة “الميثاق المالي الجديد” المعقودة اليوم في باريس، إلى جانب ملفات أخرى، أليات تمويل هذا الصندوق.
وفقا لخبراء، يكمن أحد الأهداف الرئيسية لهذه القمة في مناقشة الهيكل المالي الدولي والمؤسسات النقدية العالمية (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي)، التي نشأت بفعل اتفاقات “بريتون وودز” (1944) في أواخر الحرب العالمية الثانية، وتكييفها لمواجهة التحديات العصرية.
يأتي هذا في وقت وجدت فيه دول الجنوب (الفقيرة) نفسها محاصرة، بمواجهة أزمات متتالية (كوفيد، التضخم الاقتصادي العالمي، الحرب في أوكرانيا)، كان لها أثر ثقيل للغاية على اقتصاداتها وعمليات التنمية فيها. في نفس الوقت، تعتبر هذه الدول أن الحصول على تمويلات لمشاريع داخلية من هاتين المؤسستين (البنك وصندوق النقد الدوليين) صعب للغاية، وأنها تحتاج لمساعدات سريعة وعاجلة لمواجهة موجات الجفاف والفقر والكوارث البيئية المتتالية، وللتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
احتياجات مالية طائلة والتزامات دون تنفيذ
مجموعة من الخبراء التابعين للأمم المتحدة إضافة إلى وكالة الطاقة الدولية، اعتبروا أنه من أجل أن تتمكن هذه الدول من تحقيق أهدافها، سيتعين عليها إنفاق 2400 مليار دولار سنويا في مشاريع اقتصادية، ورفع إنفاقها على مصادر الطاقة البديلة من 260 مليون دولار سنويا حاليا، إلى 1,9 تريليون على مدار العقد القادم.
أما منظمة “أوكسفام” غير الحكومية، فاعتبرت أنه يجب تخصيص 27 ألف مليار دولار من أجل “مكافحة الفقر وعدم المساواة والتعامل مع تغير المناخ في البلدان النامية” بحلول عام 2030، أي ما يقرب من 3900 مليار دولار سنويا. في هذا الإطار، وضمن خطة العمل المناخية التي تم تبنيها في 2021، يستفيد البنك الدولي من مبلغ 4000 مليار دولار سنويا حتى عام 2030 لتمويل مشاريع البنى التحتية للبلدان النامية، ما يعني أنه بحاجة إلى مضاعفة هذه الميزانية لملاقاة الأهداف التي وضعتها “أوكسفام”.
خلال قمة “الميثاق المالي الجديد”، ستناقش الدول وسائل لتمويل الخطط الطموحة التي تبنتها، مع العلم بأنها في السابق كانت قد التزمت بالمساهمة في تمويل صناديق لهذه الأهداف، لكنها لم تنفذ.
ديزيريه أسوغبافي، مديرة منظمة “وان” (ONE) للفرانكفونية، نددت بموقف البلدان المتقدمة معتبرة أنها “التزمت بالفعل بتخصيص 0.7% من ثرواتها للبلدان النامية، والمساهمة بمبلغ 100 مليار دولار لمواجهة تبعات التغير المناخي. ولكن حتى الآن لم يتم توزيع هذه الأموال، إلا جزئيا ربما، وربما لم يتم توزيعها على الإطلاق”.
إعادة هيكلة ديون الدول الفقيرة
وستستفيد القمة من ثقل وزن الحاضرين السياسي، فإلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، سيتواجد الرئيس البرازيلي والمستشار الألماني، وسيمثل الصين رئيس وزرائها والسعودية ولي العهد والولايات المتحدة وزيرة الخزانة.
كما سيشارك نحو 20 زعيم أفريقي بأعمال القمة، بعد أن كان العديد منهم قد رفعوا الصوت مؤخرا ضد الدول الغنية التي تضخ المليارات لدعم أوكرانيا، في حين بدأت بتخفيض دعمها لدول القارة الفقيرة.
وفي خطاب ألقته صباح اليوم الخميس في باريس، قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إن بلادها “ستضغط” من أجل مشاركة الجهات الدائنة للدول الفقيرة في مفاوضات لإعادة هيكلة ديونها.
وكانت صحيفة “لو موند” الفرنسية قد أفردت عمودا في عددها الصادر أمس الأربعاء، تحدثت فيه عن تعهد زعماء 13 دولة منها فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا والبرازيل وبريطانيا “بالمضي قدما لاتخاذ تدابير ملموسة من أجل انتقال إيكولوجي عادل وموحد”.
مقترحات لتمويل الصندوق
تقدمت عدة جمعيات مدنية ومنظمات غير حكومية بأفكار من شأنها إيجاد مصادر لتمويل هذه الأهداف، إحداها كانت فرض ضرائب على كبار الملوثين، خاصة شركات التنقيب واستخراج النفط، مشيرين إلى مسؤوليتها التاريخية في “الفوضى المناخية الحالية”. في فرنسا، أرسلت 12 جمعية في حزيران/يونيو الجاري التماسا للرئيس إيمانويل ماكرون جمع أكثر من 24 ألف توقيع، مطالبين بفرض ضرائب على الصناعات النفطية. وفقا لفاني بيتيتبون، مديرة المناصرة في منظمة “كير فرانس” غير الحكومية، “ستسمح هذه الضريبة بجمع مبلغ يصل إلى 300 ألف مليار دولار”.
لكن حسب الأخبار المتداولة قبيل افتتاح القمة، يبدو أن هناك إجماعا حول فرض ضرائب إضافية على قطاع النقل البحري فقط. فبناء على معطيات البنك الدولي، يمكن لهذا القطاع أن يدر أموالا تقدر بين 60 و80 مليار دولار سنويا.
“الموضوع يمكن أن يحسم في تموز\يوليو القادم خلال اجتماع المنظمة البحرية الدولية”، تقول بيتيتبون، “لكن مسألة استخدام الأموال ستظل بحاجة إلى حسم بدورها. فبينما يناشد البعض أن تذهب إلى الدول النامية مباشرة، يطالب البعض الآخر باستخدامها في إزالة أثار التلوث الكربوني الناجمة عن هذا القطاع”.
تسهيل الديون وتحفيز مصارف التنمية الدولية
سيناقش القادة المجتمعون في باريس ضرائب أخرى ووسائل مجدية لتمويل خطط مواجهة تغير المناخ والفقر، مثل إعادة هيكلة ديون الدول الصغيرة وتعزيز دور القطاع الخاص في هذه الخطط.
ليسون ريبايندر، من منظمة “CCFD-Terre Solidaire” الفرنسية غير الحكومية، اعتبرت أن “خدمة الديون في بلدان الجنوب في أعلى مستوياتها منذ نهاية التسعينيات،و93% من البلدان الأكثر تعرضا للكوارث المناخية هي في حالة من المديونية المفرطة أو قريبة منها“. وتضيف “تمر هذه الدول اليوم بأزمة تسديد ديونها للهيئات والدول الدائنة والمؤسسات المالية والمصارف الخاصة، ما يمنعها من الاستثمار في قطاعات الخدمات العامة أو في مكافحة تغير المناخ”.
في الوقت الحالي، وفقا لريبايندر، سيتضمن المشروع قيد المناقشة إضافة بنود في عقود القروض من شأنها أن تسمح بتعليق السداد في حال حدوث كارثة مناخية. هذا الإجراء تم تبنيه بشكل استثنائي من قبل مجموعة الـ20 أثناء جائحة كورونا. وتورد “لكن علينا أن نذهب أبعد من ذلك ونفكر في إلغاء كبير للديون…”.
هارغيت سينغ، رئيس الاستراتيجية السياسية العالمية في شبكة العمل المناخي الدولية، توافق مع ريبايندر في هذا الطرح “تستمر الدول الأغنى في منح بلدان الجنوب قروضا بشكل أساسي – في عام 2020، مثلت التبرعات 26% فقط من التمويل المناخي الملتزم به”، مناديا بأن “الكفاح ضد تغير المناخ يجب أن يخرج بسرعة من منطق جني الأرباح”.
عقب هذه القمة، ستوضع الدول الغنية في مواجهة وعدها بتقديم 100 مليار دولار سنويا كمساعدات للدول الفقيرة. هذا الالتزام الذي كانت قد تبنته قبل ثلاث سنوات دون أن يتم تنفيذه. كما ستدعى مصارف التنمية متعددة الأطراف إلى تقديم المزيد من القروض، وذلك بحضور رئيس البنك الدولي الجديد أغاي بانغا ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا.
خارطة طريق
تدرك فرنسا، المستضيفة لأعمال القمة الدولية، أنه “لن تكون لديها القدرة على اتخاذ القرار” حاليا. لكن بحسب الإليزيه، فإنها تسعى إلى وضع وتبني خارطة طريق للأشهر القادمة، تُمكن العودة إليها في قمة مجموعة الـ20 القادمة التي ستعقد في أيلول/سبتمبر المقبل في الهند، وفي الاجتماع السنوي لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي سيعقد في تشرين الأول/أكتوبر القادم.
سيسيل دوفلوت، رئيسة منظمة “أوكسفام” غير الحكومية، اعتبرت أن “هذا الحدث سيساعد في وضع العديد من القضايا المهمة في قلب المناقشات الدولية”. أما فاني بيتيتبون فاعتبرت أن “ما ينقص ليس المال، ولكن الإرادة السياسية. على رؤساء الحكومات الآن تحمل مسؤولياتهم، لأنه بالإضافة إلى التمويل، يجب العمل على إعادة بناء الثقة بين بلدان الشمال والجنوب”.
المصدر