بإقتحامها دار المحامين.. “الحركة الإسلامية” تضع قدما في المصيدة
[ad_1]
الجميل الفاضل
(-) أما وقد اقتحمت كتائب إخوانية متعطشة أمس الثلاثاء دار المحامين، تتحرق لإراقة كل أو بعض الدماء، لكي تعيد ما تتصور أنه عز ومجد لهذا الدين.
(-) أتصور أن تنظيم ما يعرف بالحركة الإسلامية، قد وقع فريسة لقدر بات قاب قوسين أو أدنى الى النفاذ.
قدر من علاماته هذا التهافت الجنوني على السلطة، الذي أعترى هذه الحركة.
تهافت ربما يفوق حتى، ما يوصف بتهافت الأكلة على قصعتها في معرض الأمثال.
(-) حركة بدا وكأن قد استبد بها الشوق، لأيام “أقبل على دربنا لو كنت حيرانا، وأقبل على نبعنا لو كنت ظمآن”.
إن درب هذه الحركة، شأنها شأن كل حركات الإسلام السياسي، هو درب السلطة لا سواه، ذلك الدرب الذي خبرته واستأثرت به الحركة الإسلامية السودانية، دون غيرها من الحركات المشابهة لأكثر من ثلاثة عقود.
وكذا نبعها نبع المال والثروة، الذي نهلت فيه، ولم تستبق منه شيئا.
(-) المهم فعندما ينشب القدر أظفاره وأنيابه في فريسة مثل هذه، ليس ثمة من يستطيع انتزاعها من تحت براثنه القوية.
فالأقدار بطبيعة الحال لا تصنعها صدفة.
(-) إذ أن الله سبحانه وتعالي إذا أراد إنفاذ أمر سلب هكذا كل ذي لب لبه، ليغرد بظن كظن أمين حسن عمر وهو يقول: (سنعود بحول الله وإذنه الي كل الساحات، رضي من رضي، وغضب واكتئب من غضب.. سنعود بعد ليل “قحت” الدامس مثلما يعود القمر البدر، يطلع على الدياجير والظلمة الظلماء، فيحيل ليلها كنهارها، فتصبح البلاد مقمرة).
وعلى ذات الظن الذي جرى به لسان علي احمد كرتي وهو يقول: (نحن في الطريق إن شاء الله الى تطبيع الأوضاع عامة، لنخرج من هذه “الحالة الاستثنائية”).
تلك الحالة التي قال كرتي: إنها ستأتي بغير الأوضاع التي كانت في بدايات هذا التغيير من التنمر الذي تابعتموه جميعا، والظلم الفادح الذي وقع على الآلاف، وكثير مما جرى، مضيفا نسأل الله أن يكون قد انقضى هذا التاريخ.
فالدياجير والظلمة الظلماء، التي يرغب امين حسن عمر في إحالة ليلها كنهارها، لتصبح البلاد مقمرة من جديد، كما كانت، وكما يريد هو بالتأكيد.. هي “حالة الثورة” التي اطفأت نورا اتاحته “الإنقاذ” لأمين قبل أن تظلم الدنيا بوجهه اليوم.
كما إن “الحالة الاستثنائية” التي كانت مسرحا للتنمر، والظلم الفادح عند كرتي هي أيضا “حالة الثورة” ذاتها، التي يرى ان تاريخها قد انقضى، وأنهم الان في طريقهم لتطبيع تلك الأوضاع.
(-) فبمثل هذا الظن تستدرج يد القدرة، من تشاء.. من حيث لا يعلم، الي حيث هي تشاء.
فالاقدار تكتب بمداد الأحبار السرية، التي لن تبدي خطوطها ومنعرجاتها الدقيقة، سوي بعد سطوع شمس نفاذها.
(-) إذ ان ميكانزمات القدر الداخلية، تدفع على شاكلة ما سيرد، كل مقدور الي أحضان القدر الذي ينتظره، “تسليما وتسلما”، في موعد لا يتقدم ولا يتأخر، كما يمكن ان يستنبط من قول رب العزة:
“إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم، ۚ ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد، ۙ ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حي عن بينة، ۗ وإن الله لسميع عليم”.
(-) ثم على قرار لمحة أخرى ذات مغزى مختلف هو بالضرورة، يقول سبحانه وتعالي: “إذ يريكهم الله في منامك قليلا، ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر، ولكن الله سلم ۗ إنه عليم بذات الصدور”
(-) ولكي يقضي الله امرا كان مفعولا بالحتم والضرورة، فانه يعرض كذلك مثل هذا النموذج الثالث، المغاير والمحفز، للمواجهة في ذات الوقت:
“وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا، ويقللكم في أعينهم، ليقضي الله أمرا كان مفعولا، وإلى الله ترجع الأمور”.
ترجع الأمور ليس باماني من يجزم هنا بعودته بعد ليل “قحت” الدامس.
ولا بتطلع من يسعى لتطبيع الأوضاع على ما كانت عليه، قبل الثورة او “الحالة الاستثنائية” كما يتصورها.
بل على مراد القائل سبحانه وتعالي:
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ).
المصدر