المغرب يخوض مواجهة حديدية أمام البرتغال متسلحا بالصلابة الدفاعية والانضباط التكتيكي
نشرت في:
يستعد المنتخب المغربي لخوض مواجهة ندية السبت أمام نظيره البرتغالي في ربع نهائي مونديال قطر 2022، وكله ثقة بقدراته على تحقيق إنجاز غير مسبوق عربيا وأفريقيا، ببلوغ المربع الأخير لكأس العالم. ورغم هاجس الإصابات والإرهاق البدني، لدى المدرب المحلي وليد الركراكي مجموعة متماسكة ذات صلابة تكتيكية ودفاعية هي الأفضل بين الثمانية الكبار لمقارعة الترسانة الهجومية البرتغالية، دون أن نغفل دعم الآلاف من الجماهير المغربية.
بعد نجاح “أسود الأطلس“ في إزاحة بطل العالم 2010 إسبانيا، يتواصل “الحلم المونديالي” المغربي بقيادة وليد الركراكي بمواجهة حديدية وصعبة جديدة أمام البرتغال التي سحقت سويسرا بسداسية. لكن “أسود الأطلس” يملكون كل الإمكانات للزئير أمام منتخب أوروبي جديد في مونديال قطر 2022.
سيدخل أبناء الركراكي التحدي الجديد بنقاط قوة عديدة، أصبح الجميع يخشاها من كبار اللعبة في العالم، ولعل أهمها الالتزام التكتيكي والدفاعي الصارم والقتالية على الكرة وكسب الصراعات الثنائية. حيث شهدت مباراة إسبانيا -على سبيل المثال لا الحصر- فوز سفيان امرابط بما نسبته 100 بالمئة في المواجهات الثنائية الأرضية في رقم يغني عن كل تعليق.
الصلابة الدفاعية والانضباط التكتيكي.. والبقية تأتي
يبدو من شبه المؤكد أن يحتفظ الركراكي بخطته المفضلة 4-1-4-1 بأربعة مدافعين أمامهم سفيان امرابط كوسط ميدان دفاعي بمساندة عز الدين أوناحي وعبد الحميد الصابيري، فيما يلعب نجم تشلسي الإنكليزي حكيم زياش في الجناح الأيمن وفي الجهة اليسرى سفيان بوفال يتقدمهم يوسف النصيري كرأس حربة.
هذا الرسم التكتيكي جعل منتخب المغرب أقل منتخبات دور الثمانية استقبالا للأهداف بهدف وحيد، دخل شباك المتألق ياسين بونو من نيران صديقة بأقدام نايف أكرد في مباراة كندا.
وهنا، يعلق اللاعب الدولي السابق طلال القرقوري في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية “المسافة بين الخطوط قليلة جدا، وأيضا بين اللاعبين. في الحالة الدفاعية تكون المسافة قليلة جداً فيصعب على الخصم التمرير والاختراق وتسجيل الأهداف”.
ويضيف القرقوري: “الطريقة التي ينتهجها وليد سواء خلال المباريات الأولى والأخيرة أمام المنتخب الإسباني هي التي منحته الفارق. أفضل طريقة ضد المنتخبات القوية أن تنتظر أخطاءها ولا تقوم بعملية الضغط العالي، لأنك حينها ستترك المساحات وتصبح المسافة كبيرة بين اللاعبين”.
جودة فنية في الخط الأمامي
هجوميا، ما من شك أن المغرب يعول على حكيم زياش كمفتاح لشن هجمات على الخصوم بامتلاكه رجلا يسرى مذهلة تمريرا وتسديدا، وكذا رؤيته التكتيكية الواسعة لأطراف الملعب. ويتمتع زياش بمساندة من واحد من أفضل اللاعبين في العالم في مركز الظهير الأيمن: أشرف حكيمي، رغم أن هذا الأخير عانى من الرقابة اللصيقة طيلة المباريات السابقة. كما أن فنيات ومراوغات سفيان بوفال تبقى خيارا مهما لخلخة دفاعات الخصوم، إضافة إلى حيوية يوسف النصيري المعروف بلعبه الكرات الرأسية بإتقان.
في هذا الصدد، يؤكد الإعلامي الرياضي المغربي محمد بوخرفان، أن البرتغال ليست أقوى من إسبانيا وبلجيكا وكرواتيا، مردفا: “صحيح أن الخصم الأوروبي يمتلك خطا هجوميا كاسحا أفلح في إحراز الكثير من الأهداف في مونديال قطر، لكن بالمقابل تلقت مرماه 5 أهداف، وهذا يبين أن بإمكان حكيم زياش ورفاقه الوصول إلى شباكه إن تعاملوا بذكاء مع أطوار المواجهة”.
معضلة الإصابات والإرهاق
من بين النقاط التي يمكن أن تثير قلق الركراكي، الإصابات والإرهاق البدني بعد المباراة الماراطونية أمام إسبانيا، والتي أقر أن لاعبيه “وظفوا فيها طاقة كبيرة”، ما يصعب عملية التعافي في غضون ثلاثة أيام فقط قبل مباراة البرتغال.
وخرج ثلاثة من لاعبي خط الدفاع في مباراة “لا روخا” اضطراريا، وهم المخضرم رومان سايس ومدافع بايرن نصير مزراوي ونايف أكرد الذي تعرض لإصابة عضلية، جعلت الشكوك تحوم حول مشاركته في مباراة البرتغال.
من جانب آخر، هناك عامل قد يكون في صالح المغرب، وهو الوضع الذي آل إليه النجم العالمي كريستيانو رونالدو، والذي تحول من نعمة إلى نقمة، حيث راجت أنباء عن تلويحه بمغادرة المنتخب بسبب بقائه احتياطيا في مواجهة سويسرا وصوره على دكة البدلاء طيلة المباراة أكدت أنه غير راض عن وضعه الجديد في منتخب بلاده. ما قد يؤثر على أجواء مجموعة فرناندو سانتوس الذي نفى وجود خلافات بينه وبين “الدون”.
اللاعب رقم 12.. العزيمة والجو العائلي
عامل آخر قد يخدم “الأسود” في مواجهة “سليساو أوروبا”، هو أنها ستلعب المباراة وكأنها في الرباط أو الدار البيضاء بحضور آلاف المغاربة، حيث يعلق القرقوري “الحضور الكثيف للجماهير أثّر على الخصم ودفع باللاعبين من أجل الحصول على النتائج. تواجد الجماهير ساعد كثيرا ليس فقط المغرب، بل أيضا السعودية أمام الأرجنتين وتونس أمام فرنسا.. تنظيم المونديال في قطر كان له أثر كبير على اللاعبين العرب وخصوصا على المنتخب المغربي”.
ويخلص القرقوري إلى أن هذا الجيل المغربي لديه رغبة وعزيمة وإرادة، مضيفا: “اللاعبون يلعبون في الدوريات الأوروبية القوية منها الإنكليزي والإسباني والإيطالي، وأيضا منهم من يلعب في أندية صغيرة ويريد إثبات نفسه للانتقال إلى أندية أفضل”. فهل ينجح الأسود في إسعاد الملايين من العرب والأفارقة؟
كما أن الأجواء الجيدة داخل مجموعة الأسود لها دور هام في النتائج، حيث يقول بوخرفان: “الركراكي نجح في ترسيخ مفهوم العائلة داخل غرفة تبديل الملابس الخاصة بأسود الأطلس.. أصبحنا نرى قيما جميلة داخل التشكيلة: التضامن والتآزر ونكران الذات، فالكل مستعد للتضحية من أجل مصلحة الجماعة ومنصهر داخلها قلبا وقالبا، ولا فرق بين اللاعب الأساسي ولاعب دكة الاحتياط، وهذا الجانب الذهني ساعد كثيرا في تحقيق النتائج الإيجابية”. فهل تنجح “الأسود” في مواصلة إسعاد ملايين العرب والأفارقة؟
عمر التيس
المصدر