المعلمون يواصلون الإضراب.. شكوك حول بداية الدراسة وتعليم الأطفال في مهب الريح
مع اقتراب موعد انتهاء أجل عطلة منتصف العام التي أعلنتها وزارة التربية والتعليم في أعقاب إصراب نفذته لجنة المعلمين السودانيين والتي تنتهي اليوم السبت، أعلنت اللجنة العليا للإضراب التابعة للجنة المعلمين إضراباً جديداً يبدأ غداً الأحد، ويستمر حتى الخميس ما يعني أن العطلة التي أقرتها الحكومة لكسر الإضراب السابق ستتمدد لأسبوع آخر.
ولجأت لجنة المعلمين لسلاح الإضرابات للمطالبة بحقوق أقرها الهيكل الراتبي ورفضت الحكومة إيفاءها وفشلت كل المفاوضات بين اللجنة ووزارة التربية ووزارة المالية، في إثناء المعلمين عن انتهاج سلاح الإضراب طريقاً للمطالبة بالحقوق، غير أن اللجنة رأت أن مطالبها لن تتحقق ما لم ترغم الحكومة على تحقيقها عبر الإضراب، خاصة بعد فشل جميع اللقاءات السابقة فكان الإعلان عن الإضراب الأخير عقب تعنت وزير المالية د. جبريل إبراهيم في الالتزام بمطالب لجنة المعلمين التي تتمثل في زيادة الإنفاق على التعليم بنسبة 20% من موازنة الدولة، ودفع استحقاقات الأساتذة في البدلات وتعديل العلاوات ذات القيمة الثابتة بما يتماشى مع الوضع الاقتصادي، مستدلة بدراسة نشرتها في سبتمبر من العام المُنصرم، قالت فيها إن راتب المعلم يغطي 13% من تكاليف المعيشة الأساسية.
ورغم أن لجنة المعلمين كانت قد أصدرت تصريحات خلال الأيام الماضية كشفت فيها عن الوصول لتفاهمات مع وزارة التربية حول مطالبها، إلا أنها عادت أمس ومددت الإضراب، وكان المتحدث باسم لجنة المعلمين سامي الباقر، قد صرح، في وقتٍ سابق، بأن اجتماع اللجنة مع مسؤولين بمجلس السيادة ووزارة المالية، توصل إلى رفع الإنفاق على التعليم بنسبة 14.8 في ميزانية 2023، وتنفيذ قرارات حكومية سابقة اتخذها رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك. كما أكدت مصادر مطلعة أن اجتماعاً التأم الأربعاء الماضي، أفضى كذلك، إلى توافقات بشأن صرف البديل النقدي لكل الولايات، وصرف بدل اللبس لولايتي الخرطوم ووسط دارفور، إضافة إلى صرف منحة توازي فروقات ثلاثة أشهر للمعلمين.
وبالأمس أصدرت لجنة الإضراب التابعة للجنة المعلمين السودانيين تعميماً صحفياً أكدت فيه استمرار الإضراب حتى الخميس المقبل. وقالت فيه “مواصلة لاجتماعاتها الراتبة التي تعقدها اللجنة العليا للإضراب، وبحضور ممثل تنسيق إضراب الولايات عقدت لجنة المعلمين السودانيين اجتماعاً مهماً اليوم “أمس” الجمعة الذي جاء في أعقاب مستجدات اجتماع الأربعاء ٢٥ يناير، للجنة المعلمين بالمجلس السيادي ووزارة المالية الاتحادية وما ترتب عليه من مخرجات. وأوضح التعميم أن اجتماعهم أمس استمع لتقرير مفصل من لجنة الرصد والإحصاء والتحليل تم خلاله استعراض رؤية الولايات حول مخرجات اجتماع الأربعاء، ورؤى المعلمين والمعلمات الذين تواصلوا مع اللجنة وقياداتها ومناديبها وبموجب ما تداوله الاجتماع خلصت اللجنة، إلى أن يتواصل الإغلاق لمدة أسبوع اعتباراً من غد الأحد 29 يناير حتى الخميس 2 فبراير ، وأن يتم عقد اجتماع يوم الخميس 2 فبراير لتقييم الموقف واتخاذ مايلزم من تدابير بموجب ما يستجد .
وخلال ندوة التأمت الثلاثاء الماضي بالخرطوم رصدتها (الحراك) قال عضو لجنة المعلمين مدثر موسى، إن المعلمين سيأخذون استحقاقاتهم كاملة وقال “حكومة لا تعطي الصحة والتعليم وهما أساس التنمية يجب أن تذهب”. وأشار إلى غياب الوعي لدى أولياء الأمور الذين يجب أن لا يتخلوا عن حقوقهم في مجانية التعليم لأبنائهم، وأن لا يدفعوا أي أموال لإدارات المدارس، مبيناً بأن الحكومة ملزمة بأن تصرف على التعليم مهما كانت ظروف البلاد. ودعا إلى ضرورة الشراكة في العملية التربوية وأن يكون أولياء الأمور جزءاً أصيلاً في هذه الشراكة. وأشار مدثر إلى عودة إلزام أولياء الأمور بدفع الرسوم بعد الانقلاب تماماً كما كانت إبان العهد البائد، مناشداً أولياء الأمور بضرورة رفضها مبيناً بأن الدولة يجب أن تدفع لصالح التعليم لأجل تحسين مستوى التلاميذ.
غير أن موقف المعلمين الصارم تجاه ترقية ونهضة العملية التعليمية كأساس للنهضة على المدى الطويل، ربما يصطدم بأهداف بعض أوياء أمور التلاميذ الآنية الذين يرون أن الإضرابات المتواصلة وإغلاق المدراس المستمر، سيكون خصماً على تعليم أبنائهم خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي حتم هجرة عكسية لكثير من أولياء الأمور، من التعليم الخاص باهظ الأثمان للتعليم الحكومي الذي يدفع فيه أولياء الأمور تكاليف أقل. ويرى المواطن حسن أحمد عبد القادر أن الإضربات المتواصلة للمعلمين وإغلاق المدارس يضعه بين شقي الرحى، خاصة في ظل رفض المدارس الخاصة تعطيل الدراسة ما يجعل هناك فوارق بين التلاميذ، وهو الأمر الذي يضطر أولياء الأمور إلى الهجرة بأبنائهم من التعليم الحكومي للتعليم الخاص. وقال لـ(الحراك) “لن أستطيع أن أترك أبنائي دون تعليم وسأعمل على أن أدخلهم مدارس خاصة حتى لو اضطررت لبيع كليتي”.
ويتوافق رأي سعاد علي فضل السيد التي تؤكد أنها خرجت أصلاً للعمل في بيع الشاي لتوفير تكاليف تعليم أبنائها، وبالتالي فهي الآن ستجتهد في العمل حتى توفر أموال المدارس الخاصة “المليارية” بحسب قولها. وتضيف سعاد لـ(الحراك) “أبنائي في مراحل التعليم المختلفة وسيكون علي أن أوفر لهم التعليم حتى لو كان بالمدارس الخاصة المليارية، ما يعني أن أعباء إضافية ستنزل على كتفي، وقد أضطر لأخرج الولد الكبير من المدرسة ليعمل ونتساعد معاً على تعليم إخوته”.
صحيفة الحراك السياسي
مصدر الخبر