السياسة السودانية

المخدرات في كل مكان .. مسؤولية من؟

تربوي: الطلاب شريحة سهلة الصيد
طلاب: المسؤولية مشتركة مابين المواطن والحكومة
مواطنة: تدعو للتعاون المشترك لمجابهة الظاهرة
إعلامي: نافذون في الإنقاذ كانوا وما زالوا شركاء في إدخالها
حزبي: يجب أخذ الأمر بجدية وزيادة التوعية عبر الإعلام

قانوني: قلة من السودانيين وبعض الأجانب وراء الأزمة

تسببت ظاهرة تنامي أزمة المخدرات وانتشارها بشكل متسارع في كل أرجاء السودان والخرطوم على وجه الخصوص، إضافة إلى تنوعها في إزعاج كبير للأسر مما دفع (الصيحة) لإجراء استطلاع شرائح متنوعة من المواطنين حول رؤيتهم للظاهرة ومن المسؤول عنها؟ وكيف يمكن مواجهتها؟

حيث أكد المتحدثون أن المخدرات منتشرة بصورة وصفوها بـ”المخيفة” جداً وأصابتهم بحالة قلق شديد، وقالوا: لـ(الصيحة)، إذا تطوَّر هذا القلق سوف يتسبب في الإصابة بأمراض نفسية خطيرة يصعب التعامل معها، وسوف تؤدي إلى ارتفاع دائرة الشكوك في المجتمع المحيط بالفرد، ولفتوا إلى أن المخدرات أصبحت في متناول اليد ويتم الحصول عليها مجاناً في الكثير من الأحيان خاصة في حالة منهجية التوزيع المنظم.

وحمَّل البعض الحكومة مسؤولية ما يحدث، وأكدوا وجود تراخي في التعامل مع الظاهرة والدليل أن المخدرات ما زالت تجد طريقها إلى البلاد، وشدَّدوا على أهمية الحماية والأمن والاستقرار.

أهمية التوعية
“رغم أنني لم أشاهد أحداً يتعاطى المخدرات ولم أسمع بأن ابن فلان أو فلانة مدمن، لكنني متأكدة من انتشار المخدرات لدرجة أنني أصبحت أتخيلها داخل مطبخي “بهذه الكلمات ابتدت المواطنة زينب حبيب الله حديثها لـ(الصيحة)، قائلة إنها على يقين تام بوجود أفراد في الحكومة لهم علاقة بالوضع الراهن المتعلق المخدرات وخاصة “الايس”، وناشدت ربات وأرباب الأسر الانتباه إلى الأبناء من الجنسين صغار وكبار والمشاركة في مكافحة الظاهرة بالإبلاغ الفوري عن أي فرد حوله شبهات سواءً متعاطي أو مروِّج، وعلى أقسام الشرطة التعاون مع المواطنين واستقبال الشكاوى والبلاغات عبر دائرة يتم الاتفاق عليها فيما بين الأجهزة الأمنية والشرطية.

فيما يقول مجدي حسين، أستاذ تربية في المرحلة الثانوية: لـ(الصيحة)، إنه لم يلاحظ أي تغيير في السلوك أو حالة هستيريا وسط الطلاب بالمدرسة، مما يؤكد أن مدرسته خالية من المخدرات، مشيراً إلى أن اسم مخدر “الايس” أصبح الأكثر تداولاً يعرفه الصغار والكبار، واقترح ضرورة توزيع نشرات داخل المدارس توضح خطورته ولاسيما أنواع المخدرات الأخرى، لأن الطلاب شريحة مستهدفة وسهلة الصيد، مع تحديد زمن إضافي في طابور الصباح لتقديم الإرشادات والتوعية.
واتفق الطلاب نهى، عايدة، زهير من جامعة النيل على خطورة الظاهرة، وقالوا لـ(الصيحة): ما زالت منافذ العبور مفتوحة لدخولها مما يتطلب تكثيف الجهود لأنها أصبحت أمراً مقلقاً جداً في المجتمع السوداني.

جُرأة نافذين
يقول الإعلامي سعد محمد أحمد لـ(الصيحة): لم يعرف السودان طوال تاريخه مخدراً غير ” البنقو” المعروف والذي تتم زراعته محلياً خاصة في غرب البلاد وبشكل محدود، إلا أنه في عهد الإنقاذ انتشرت ظاهرة المخدرات بشكل واسع وبتنوعها واستيرادها بشكل مباشر عبر الحاويات عن طريق ميناء بورتسودان ومطار الخرطوم، ما يعني أن النافذين في سلطة الإنقاذ كانوا شركاء في هذا الأمر الذي يؤكد أنهم استطاعوا استيرادها بكل جرأة عبر الموانئ البحرية والجوية والجافة وساعد في ذلك توفير التسهيلات اللازمة والحماية لهم من جهات تساعدهم على تمرير المخدرات .
وأشار إلى الكثير من المخدرات التي تم ضبطها وسجلت البلاغات ضد مجهول وتم حفظ قضاياها ولم يشاهد الناس إبادة المضبوط منها حتى اليوم كما لا يعلم أحد أين ذهبت، وتساءل عن قصة الطائرة المتعلقة بالمخدرات في أبريل ٢٠١٩ ولا تعلم جهة شيئاً عن هذه القضية التي تم تقبيرها تماماً.
وأضاف: “السودان يعتبر ممر لتسويق المخدرات إلى دول الخليج وأفريقيا، بالتالي فإن وجود المتمكنين من الدولة العميقة التي كانت فاعلة في قصة المخدرات مازالت موجودة وهي التي تمارس هذا النشاط الآن لأنها في مراكز نافذة.

وتابع: قصة مخدر “الايس” ليس بهذا الزخم وليس بهذه الضخامة، والإشاعات فيها أكبر من الحقيقة والهدف من الإشاعة هي شيطنة الثورة والانتقال للتداول الديموقراطي السلمي للسلطة وهي أهداف مصنوعة لغايات سياسية، يقول: بما أن “الايس” عبارة عن مركبات كيماوية يمكن تتبعه عبر المواد الكيماوية المستوردة لأغراض محددة للصناعة ويمكن متابعة تلك الجهات التي تستورد المواد الكيماوية التي من خلالها تتم صناعة المخدرات بأنواع مختلفة.
وأشار إلى دور ثلاثية الفقر والجوع والجهل في انتشار المخدرات وتسويقها واستعمالها وسط الشباب، إضافة إلى العطالة التي تلعب دوراً رئيساً في الظاهرة، بالتالي فإن معالجة الأمر يحتاج لخارطة طريق تجمع الجهات المعنية كافة على أن تقوم كل جهة بما يليها من مهام وإغلاق المنافذ ومحاربة الفقر والجوع ومعالجة قضية العطالة، مشدِّداً على أن قضية “الايس” ليس بهذه الضخامة التي يُروَّج لها – حالياً.

ضرورة التوعية
يرى المحامي إدريس عكاشة، إن “الايس” ليس مادة إنما سلع مستوردة يتم تركيب موادها الكيميائية في المصانع داخلياً وعلى الدولة مراقبة المصانع

وقال لـ(الصيحة):
أنا أسكن في جبرة وفيها كثافة سكانية عالية ولم أشاهد أي ظاهرة أو جنون أو موت أو أي من أشكال بـ”الايس” وغيره من المخدرات، ويبدو له أن الغرض من الضجة حول القضية هو إشغال الناس ليس إلا.
فيما شدَّد القيادي بحزب المؤتمر الشعبي د. محمد بدر الدين، على ضرورة التوعية والرقابة الشعبية بمساعدة السلطات، وقال لـ(الصيحة): يجب أخذ الأمر بجدية وزيادة التوعية عبر كافة وسائل الإعلام

وأرجع الانتشار الكثيف للمخدرات نسبة للتراخى الأمني، وأردف: “احتمال هناك جهات خارجية مستهدفة شباب البلد بالتالي إضعاف الدولة مثل ما حدث في الصين قبل ماوتس تونغ”، مؤكداً على
التوعية والرقابة.

وجود حقيقي
من جانبه قال لـ(الصيحة) حاتم خورشيد، المحامي والمستشار القانوني: من الواضح أن انتشار المخدرات هو حقيقة وليس خيالاً، لكنها تعتبر حقيقة نسبية باعتبار أن ليس كل ما ينشر هو واقع، فالانتشار موجود منذ القدم غير أن نوعية المخدرات التي دخلت البلاد الفترة الماضية خطيرة على الذات والمجتمع، ولديها انعكاسات على أمن المجتمع ككل وبصورة خاصة على الأسر.

وتابع: “نحن لا نقول إن السودانيين لهم دور في هذه المسألة، مشيراً إلى أن تجار المخدرات هم قلة من السودانيين والبعض الآخر أجانب”، لكنه يرى أن خلف الظاهرة دول صاحبة نفوذ ودول أخرى تريد لهذا السودان أن يظل مريضاً وكسيحاً وأن يصبح شبابه الذي ينتظره في مستقبله أن يكون قبيلة من “الحشاشين” وضعاف النفوس ومكسوري الإرادة، وهذا يجعل الدول الطامعة في ثروات البلد أن يكون السودان شائخ وضعيف القوى ويمكن السيطرة عليه من خلال المخدرات والشركات التي ترغب في أن يكون السودان بهذا الحال.

وأكد أن وراء المخدرات مافيا دولية وإقليمية تستخدم ضعاف النفوس من السودانيين كالتجار منهم إسلاميين ومنهم غير الإسلاميين أو يدعون الإسلام، وأشار إلى ضبط مخدرات في عهد الإنقاذ بـ” كنتينرات ” من أصحاب نفوذ وأسماء لامعة في المجتمع، وأسماء لها علاقة بتنظيم الأخوان المسلمين وحاشيتهم وكل ذلك سعياً وراء الثراء السريع الفاحش، ويرى وجوب تكثيف التوعية من خلال وسائل المرئية والمسموعة والمقروءة كافة مع ضرورة تدارك هذا الخطر الداهم وعدم الاستخفاف به باعتباره خطراً وشيكاً يتطلب مراقبة الحدود بين الدول المجاورة في غرب وشمال وشرق البلاد ومراقبة كل المنافذ المتاحة لإدخال هذه الآفة التي ستقضي على الأخضر واليابس في المجتمع.

بدورها أكدت دكتورة نوال حمد، استشاري نفسي، أن تطور القلق الذي أصاب المواطنين سوف يتسبب في ظهور أمراض نفسية خطيرة يصعب التعامل معها، وسوف تؤدي إلى ارتفاع دائرة الشكوك في المجتمع المحيط بالفرد، فيما قال د. عماد الشيخ، استشاري علم اجتماع لـ(الصيحة) إلى أن المخدرات أصبحت في متناول اليد ويتم الحصول عليها مجاناً في الكثير من الأحيان خاصة في حالة منهجية التوزيع المنظم مما يدعو لوضع خطة بديلة للتعامل معها وأن يكون الهدف تعافي المجتمع.

الخرطوم: انتصار فضل الله
صحيفة الصيحة


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى