الطاهر ساتي يكتب: المدنية السرية..!!
:: ومن البيان، إليكم هذا النص: (نؤكد التزامنا السياسي والأخلاقي بما اتفقت عليه الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري مع الأطراف غير الموقعة المشاركة في هذا النقاش بعدم الإدلاء بأي تصريحات حول تفاصيل هذه المباحثات).. والبيان ليس صادراً عن الجيش والأمن وغيره من المؤسسات العسكرية ذات الأنشطة السرية، ولكن المؤسف أن بيان عدم الإفصاح عما يحدث في الغرف المظلمة صادر عن تحالف من يلقبون أنفسهم بالمدنيين والديمقراطيين، أي عن المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير..!!
:: وشكراً لنقابة الصحفيين وهي تؤدي واجبها بكل مسؤولية، وقد أدانت – بالأمس – موقف المجلس المركزي الرافض لكشف ما يحدث – في الغرف المغلقة – لأصحاب الحق (الشعب)، وتأسفت النقابة وحاضرت من يلقبون أنفسهم بالمدنيين بالنص: (حجب المعلومات يمثل بيئة خصبة لنشر المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة والشائعات الضارة في بلد يناضل بنيه وبناته من أجل انتقاله إلى فضاء الديمقراطية والمؤسسية المحروس بقيم الشفافية).. شكراً لنقابة الصحفيين وهي تحاضر من لم يتعلموا أبجديات الديمقراطية وأساسيات المدنية..!!
:: وفي الخاطر، في العام 2019، طوال أسابيع التفاوض، كان وفد قوى الحرية يفاوض العساكر، ثم يخرج من قاعة التفاوض ويخاطب الشعب بما تم الاتفاق عليه وما لم يتم.. وكان مدني عباس والفريق الركن شمس الدين كباشي يقفان بكامل أناقتهما على منصة الإعلام عقب كل جولة، ويخاطبان الشعب والعالم بكل وضوح.. وكان هناك مسرح في ساحة الاعتصام أمام قيادة الجيش، وبجانب (السواقة بالخلاء)، كان من يمثلون قوى الحرية يتبارون في سرد تفاصيل ما يحدث في (قاعة التفاوض)..!!
:: ولأن الشعب كان يحميهم، وليس فولكر، كانوا يكشفون ما يحدث في غرف التفاوض.. والمسماة بالوثيقة الدستورية، بكل ما فيها أخطاء سياسية وقانونية، لم تكن (سرية).. وكان هذا الوضوح أقوى عوامل الإجماع الشعبي، وذلك بإحساس أن كل الشعب شارك في إعدادها وتشكيل حكومتها عبر تفاوض مكشوف.. ولكن غابت كل تلك الشفافية منذ عهد سيء الذكر المسمى بالاتفاق الإطاري.. نعم، فالاتفاق الإطاري (وُلد سرياً)، وكان هذا أقوى أسباب الرفض الشعبي، حتى (مات سرياً)..!!
:: ومن محن ديمقراطيي آخر الزمن أن هناك وثائق من الاتفاق الإطاري المراد به حكم الشعب (مخبوءة في أدراج)، بعيداً عن عيون وعقول الشعب، أو كما قال نائب رئيس السيادي الفريق حميدتي قبل أسبوع.. ولذلك ليس مدهشاً أن ينزعجوا من تسريبات قاعات التفاوض، وليس مدهشاً أن يشترطوا على وفد الكتلة الديمقراطية بعدم الحديث عما يحدث في قاعات التفاوض، وليس مدهشاً أن يؤكدوا التزامهم السياسي والأخلاقي بحجب الحقائق عن أصحاب الحق (الشعب)..!!
:: وعليه، يجب تذكير من يتشدقون بالحرية والمدنية والديمقراطية بأن الأصل في أنشطة العساكر هو إخفاء الحقائق، بيد أن الشفافية استثناء ونادر، ولذلك نصف العساكر بالشموليين، وهم لا يرون في هذا الوصف عيباً أو منقصة.. ولكن ما بالكم تقتدون بالعساكر؟، ومما تخافون؟، وماذا تخفون عن الشعب، بحيث يبقى ما يحدث في غرف التفاوض سراً (بينكم وفولكر)..؟
صحيفة اليوم التالي
مصدر الخبر