السياسة السودانية

الطاهر ساتي يكتب: الضرائب..!! – النيلين

:: إغلاق الأسواق احتجاجاً على أثقال الضرائب من وسائل التعبير الحديثة والمشروعة.. وما يُغضب دافع الضرائب – تاجراً كان أو مستهلكاً – ليس حجم المبلغ، ولكن رداءة المقابل (إن وُجد).. نعم، لا يجد دافع الضرائب في بلادنا علاجاً مجانياً، ولا يجد ابنه تعليماً مجانياً، ولا.. ولا.. ولا.. فلمن يدفع؟، ولماذا يدفع؟.. بالدول ذات الأنظمة العادلة، قد تتجاوز قيمة الضرائب (30%) من الراتب وأرباح الأعمال، ومع ذلك لا يغضبون، ولا يتهربون، لأنهم يرون ضرائبهم في المشافي والمدارس و.. و.. كل الخدمات!! :: ثم عدم محاسبة المفسدين، من أسباب التهرب الكبرى أيضاً.. ليس من العدل أن يسرق أحدهم (عرقي وجهدي)، أو هكذا يكون لسان حال البعض المتهرب من الضرائب.. فالدول ذات الأنظمة العادلة تصيغ القوانين وتردع بها من يعتدون على المال العام، وبهذا الردع العادل يطمئن دافع الضرائب بأن أمواله لم تُصرف في بنود (الحركات) و(الأحزاب)، ولم تذهب بغير حق إلى أرصدة من نلقبهم بالمسؤولين.. وعليه، كافحوا الفساد، ليدفع المواطن ضرائبه مطمئناً..!! :: ثم وضع آدم سميث – في كتاب ثروة الأمم – قواعد الضرائب، ومنها قاعدة (العدالة والمساواة).. أي يجب أن يساهم كل الشعب في (الإنفاق العام) بحسب مقدرتهم النسبية، أي بنسبة الدخل الذي يتمتع به كل مواطن، عاملاً كان أو صاحب عمل.. وليس من العدل أن يتهرب البعض بعلم – أو عجز – الحكومة ويدفع البعض الآخر (صاغراً).. فالسياسات غير الراشدة في التحصيل والإعفاء هي التي تُرسخ في أذهان الناس بأن التهرب من الضرائب (شطارة)..!! :: وعلى سبيل المثال، تقزيم المظلة الضريبية بآليات الرقابة المتهالكة يسهم في تهرب البعض، وهذا التهرب يؤثر سلباً على عنصر المنافسة في السوق.. فالسلع والمشاريع المتهربة من الضرائب دائماً ما تكون أقل تكلفة من السلع والمشاريع الدافعة للضرائب، وهنا تصبح تلك ذات (مزايا تنافسية)، وتسبب الخسائر والكساد للمنافسين.. وللأسف، لا يزال ديوان الضرائب عاجزاً عن توسيع المظلة بحيث يتساوى الجميع في الدفع..!! :: وكل حملات التفتيش والتحصيل تؤكد أن قطاعاً عريضاً يمارس نشاطه التجاري – والسمسرة – خارج مظلة الضرائب، وذلك على حساب دافع الضرائب.. والمحزن قد يكون المستهلك دافعاً ضرائب تلك الأنشطة المتهربة، ولكن أصحابها يهربون بها بدلاً عن توريدها للديوان، وبهذا يكون المستهلك هو صاحب الحق المنتهك، وليس وزارة المالية.. وعليه، بجانب حملات التفتيش، هناك وسيلة أخرى قادرة على مساواة كل الأنشطة أمام الضرائب، وهي نشر وفرض (ثقافة الفاتورة)..!! :: والمؤسف أن (ثقافة الفاتورة) ليست من ثقافة مجتمعنا يا جمعية حماية المستهلك.. فالبائع يجب أن يكون مُلزماً بتسليم المشتري (الفاتورة)، حتى يطمئن الشاري – دافع الضريبة – على مسار (ضريبته).. وعليه، عندما تأسسوا دولة المؤسسات، وتوفروا الخدمات التي تليق بآدمية المواطن السوداني وإنسانيته، ثم تكافحوا فساد المسؤولين والأفندية، وتحاربوا المنظمات التي ترتدي ثياب الأعمال الخيرية وتسبب الخسائر للتجار والشركات، ستأتيكم أموال الضرائب (طوعاً واختياراً)..!!

صحيفة اليوم التالي

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى