الشهادة: من هو الشهيد؟ – في فلك الممنوع
“شهادة”، “استشهاد”، و”شهيد” من أكثر المصطلحات تعقيدًا وحساسية، حيث تنسج مفاهيمها في نسيج التاريخ والفلسفة والدين والسياسة. تعود جذور هذه الكلمات إلى عصور قديمة، وقد شهدت تطورات جذرية عبر الزمن. فما الذي تعنيه الشهادة اليوم، وكيف يفهم الاستشهاد في عالم يتسم بالتعقيد والتغيرات السريعة؟
البعد التاريخي
تتجذر مفاهيم الاستشهاد والشهيد في التاريخ الديني والثقافي لثلاث ديانات رئيسية: اليهودية والمسيحية والإسلام ورغم أن هذه المفاهيم تشترك في معاني التضحية والفداء، إلا أنها تختلف في السياقات الاجتماعية والروحية، مما يعكس التنوع الغني في تجارب الإنسانية وتاريخها.
1. اليهودية:
في التاريخ اليهودي، يعتبر الاستشهاد رمزا للتضحية في سبيل الإيمان. يذكر العديد من الشهداء، خاصة في الفترات التي تعرض فيها اليهود للاضطهاد، مثل العصور الرومانية. الشهداء الذين قتلوا بسبب إيمانهم يُعتبرون قديسين، وتُخلد ذكراهم في الطقوس والممارسات الدينية.
2. المسيحية:
في المسيحية، يُعتبر الشهداء مثالًا على الإيمان القوي، حيث استشهد العديد من الأوائل بسبب رفضهم إنكار المسيح. يُحتفى بهم كقديسين، وتُعقد احتفالات لتكريمهم. الاستشهاد هنا ينظر إليه كطريق للمغفرة والفداء.
3. الإسلام:
في الإسلام، يُعتبر الشهيد شخصًا قُتل في سبيل الله، سواء في المعارك أو في الدفاع عن المظلومين. تُعتبر الشهادة من أسمى المنازل، وتُعد مكافأة عظيمة في الآخرة.
البعد الفلسفي
تنظر الفلسفة إلى مفهوم الشهادة من زوايا متعددة، حيث يعتبر بعض الفلاسفة أن الاستشهاد يمثل تضحية نبيلة تجسد قيم الشجاعة والإيثار من أجل قضية أكبر، مثل الحرية أو العدالة. في هذا السياق، يعتبر الشهيد نموذجا يحتذى به، حيث تعزز تضحياته الوعي الاجتماعي وتلهم الأجيال.
في المقابل، يرى آخرون أن الاستشهاد قد يعتبر موتا بلا فائدة، خاصة إذا كان نتيجة لصراعات غير مبررة أو لعدم وجود أهداف واضحة. من هذا المنظور، قد يعتبر الاستشهاد تكرارًا للألم والمعاناة، دون أن يؤدي إلى تغييرات إيجابية ملموسة. وبالتالي، يعكس مفهوم الشهادة في الفلسفة صراعا بين القيم النبيلة والمخاطر المحتملة للفقدان غير المجدي.
الضيوف
خزعل الماجدي، الباحث والأكاديمي المتخصص في تاريخ الأديان والحضارات من هولندا
سمير عربش، ستاذ في اللاهوت وتاريخ الأديان، جامعة ليل الكاثوليكيّة من استوديو باريس
معاذ بن نصير، الباحث في علم الاجتماع
Source link