السودان.. محظوظون يتحدثون عن الفرار من الحرب إلى السعودية
تلعب المملكة العربية السعودية، دورا محوريا في عمليات إجلاء الفارين من السودان، منذ اندلاع أعمال العنف، في منتصف إبريل، وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز، وصف السعودية بكونها “من أقرب الدول إلى السودان”.
يقول التقرير إن لدى المسؤولين السعوديين علاقات مع الجنرالات الذين يقاتلون بعضهم البعض، وبعضهم أعضاء في المجموعة الدبلوماسية المكونة من أربع دول، والمعروفة باسم اللجنة الربعاية حول السودان، والتي أشرفت مؤخرا على جهود نقل الحكم من الجيش لحكومة مدنية.
ويرى التقرير بأن مهمة الإنقاذ السعودية، تتماشى مع الجهود التي يبذلها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان “لتصوير بلاده على أنها قوة عالمية صاعدة، وهو نفسه ممثل دولي ووسيط محايد، يمكنه الاتصال بزعماء العالم المتباينين”.
وأرسلت السلطات السعودية سفنا حربية وأخرى تجارية مستأجرة في أكثر من 12 رحلة عبر البحر الأحمر، وأجلت ما يقرب من 6 آلاف شخص حتى الآن، بينهم أقل من 250 سعودي.
قال متحدث عسكري سعودي إن السفن ستواصل استعادة الأشخاص الذين تم إجلاؤهم طالما كانت الرحلات آمنة.
من بين الأشخاص الذين تم إجلاؤهم، أحمد الحسن، وهو طالب طب في السودان يعمل في حملة لمساعدة اللاجئين من دولة مجاورة.
اضطر الحسن للفرار من بلاده، وترك وراءه منزله وكتبه المدرسية وأوراقه الثبوتية بأنه طالب، للهرب مع والدته المريضة.
المحظوظون
بعد رحلة مروعة بالحافلة استمرت 14 ساعة عبر البلاد، وصلا إلى مدينة بورتسودان الساحلية، حيث تجمع الآلاف من السودانيين والأجانب على أمل ركوب قارب أو طائرة خارج البلاد بحثًا عن الأمان.
وبينما كان يقف في طابور بين الذين تم إجلاؤهم في انتظار صعود سفينة إنقاذ إلى المملكة العربية السعودية صباح الأربعاء قال الحسن، 21 عامًا، إنه كان يعلم أنه كان أحد السودانيين القلائل المحظوظين.
وولد الحسن في المملكة العربية السعودية، ولديه إقامة قانونية هناك، مما يمنحه هو ووالدته مخرجا للهرب بعيدا، مستفيدا من جهود الإجلاء التي تبذلها السلطات السعودية.
وقال: “لقد كانت فرصة ذهبية” ثم تابع “في بورتسودان، هناك الكثير من الأشخاص الذين يريدون المغادرة؛ كانت هناك فرصة بنسبة 1 في المائة فقط لحدوث شيء كهذا بالنسبة لي”.
جدة.. مركز عمليات الإجلاء
أصبحت مدينة جدة الساحلية السعودية مركزا لرحلات الإجلاء الأخرى التي رتبتها الولايات المتحدة والهند أيضًا.
وقالت وكالات الأمم المتحدة الثلاثاء إن أكثر من 100 ألف شخص فروا بالفعل من السودان في أقل من ثلاثة أسابيع منذ اندلاع القتال وأن أكثر من 300 ألف نزحوا داخليا.
وقد عبر الكثير منهم حدود الولايات السبع المجاورة للسودان، والتي تعاني بدورها من أزمات عديدة ولم تكن مجهزة للتعامل مع كل هذا التدفق.
وأضحت بورتسودان، التي يسيطر عليها الجيش السوداني، مكانا للجوء مع احتدام القتال في الخرطوم.
ولا تزال الحاويات مكدسة على الأرصفة والمتاجر لا تزال مفتوحة لخدمة طوفان المقيمين السودانيين والأجانب.
وفي الساعات الأولى من صباح الأربعاء، اندفعت الزوارق المحملة بالأشخاص الذين تم إجلاؤهم عبر المياه لصعود السفن البحرية السعودية، فيما كان العشرات من الرجال والنساء والأطفال ينتظرون بهدوء في صفين بينما كان الجنود السعوديون يتفقدون حقائبهم.
رحاب مهدي، 45 عاما، وهي أم سودانية لخمسة أطفال تمكنت، وعائلتها من تأمين مكان بين الفارين لأن زوجها عمل لسنوات كضابط أمن في السفارة الأميركية في الخرطوم، قالت في الصدد: “هناك فرص قليلة للغاية للظفر بمكان، الكثير من الناس يريدون المغادرة”.
وعلى الرغم من شعورها بأنها محظوظة، إلا أنها حزينة لمغادرة منزلها، إذ قالت: “من الصعب أن تغادر بلدك وعائلتك وأصدقاءك”.
جهود المملكة
ردا على سؤال حول سبب عدم تمكنهم من إحضار المزيد من السودانيين الذين تم إجلاؤهم، قال المتحدث العسكري، تركي المالكي، إن سلطات المملكة “تبذل أقصى جهد ممكن”، لكن لا تزال هناك متطلبات معينة.
وكشف أنه عند وصولهم إلى بورتسودان، تعطى الأولوية للمسنين والنساء والأطفال.
وحتى أثناء فراره، قال الحسن، طالب الطب، إن أفكاره كانت مع أولئك الأقل حظا، بما في ذلك زملاء الدراسة من جنسيات أخرى الذين سافروا إلى الحدود البرية مع مصر لمحاولة الهرب، واللاجئين اليمنيين والسوريين الذين كانوا يعيشون في السودان.
وقال في الصدد: “تخيل أن بلدك يعاني من الحرب لفترة طويلة، ثم أتيت إلى هنا في بلدنا وحاولت أن تجد الأمل لكنك لا تجده”.
وتابع “صعب أن تكون لديك عائلة تحميها وليست لديك أية قوة”.
ميدانيا.. لا جديد
حتى الأربعاء، لم يكن هناك في الخرطوم ما يشير إلى أن الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، أو قوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة الفريق محمد حمدان “حميدتي”، قد وافقا على هدنة لمدة أسبوع من المقرر أن تبدأ الخميس، كما أعلنت وزارة الخارجية في دولة جنوب السودان المجاورة، والتي كانت تحاول الضغط من أجل حل للأزمة المتفاقمة.
وبدلا من ذلك، أقر الجانبان أنهما ما زالا يقاتلان بعضهما البعض.
وفي الصباح، استيقظ سكان الخرطوم على دوي انفجارات عنيفة وإطلاق نار بالقرب من منازلهم، مع تحليق الطائرات الحربية بالمدينة وقصف بعض الأهداف بداية من الساعة الخامسة .
وبحلول الظهيرة، كانت الاشتباكات مستمرة في أحياء قريبة من مطار المدينة الدولي ، حسبما قال أحد السكان للصحيفة الأميركية.
الحرة
مصدر الخبر