السياسة السودانية

السودان.. لماذا تجدد القتال القبلي في إقليم النيل الأزرق؟

مرة أخرى تجدد القتال القبلي العنيف في إقليم النيل الأزرق، جنوب شرق السودان، خلال يومي الخميس والجمعة، مما أدى لسقوط 21 قتيلاً وعشرات الجرحى، قبل أن تستقر الأوضاع اليوم السبت وسط هدوء حذر يخيم على مدينتي الدمازين والروصيرص.

وتزامن تجدد الاشتباكات في النيل الأزرق مع وجود حاكم الإقليم أحمد العمدة بادي في مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان، في زيارة برفقة عضو مجلس السيادة السوداني مالك عقار، تتعلق بملف عودة اللاجئين من سكان الإقليم في الجنوب.

واتفقت كل روايات شهود العيان وبعض المصادر التي تحدثت لـ ”إرم نيوز“ على أن شرارة الأحداث المتجددة بدأت حينما أعادت السلطات المحلية للإقليم عددا من نازحي الأحداث السابقة إلى منازلهم في مدينة الروصيرص، وهو ما رفضه الطرف الآخر الذي يرهن العودة بالتوقيع على اتفاق بين الأطراف يعالج أسباب النزاع.

وكانت الأحداث السابقة التي وقعت في 15 يوليو/ تموز الماضي بين قبيلتي ”الهوسا“ و“البرتا“ أسفرت عن مقتل نحو 80 شخصا، إضافة إلى حرق ونهب الأسواق في مدينتي الدمازين والروصيرص، كما تسببت في نزوح نحو 3 آلاف شخص من قبيلة ”الهوسا“، استقروا في مدارس ومؤسسات حكومية بمدينة الدمازين القريبة من الروصيرص.

وقال شهود عيان لـ ”إرم نيوز“ إن سلطات الإقليم جلبت يوم الخميس عددا من السيارات الحكومية إلى مراكز النزوح المؤقتة بالدمازين، ونقلت نازحين إلى منازلهم في منطقة قنيص بالروصيرص، بيد أن السكان من الطرف الآخر رفضوا إعادة النازحين وقاموا بحرق المنازل التابعة لقبيلة ”الهوسا“ بينما قتل من حاول الدفاع عنها.

خطأ السلطات

ويرى باسل طه، أحد أعيان المنطقة، في حديث لـ ”إرم نيوز“، أن السلطات المحلية أخطأت في قرار إعادة النازحين إلى مناطقهم قبل أن توقع على اتفاقية صلح تعالج الأزمة وتنهي أسباب الخلافات.

وأشار طه إلى أن وثيقة اتفاق وقف العدائيات التي وقعها الطرفان في 3 أغسطس/ آب الماضي نصت صراحة على عدم عودة النازحين من قبيلة ”الهوسا“ إلى منازلهم في الروصيرص ما لم يتم التوقيع على اتفاقية صلح تضمن تنازلهم عن التفكير في الحصول على ”إمارة“، وهي سلطة في نظام الإدارة الأهلية.

وكانت من أسباب اندلاع الاشتباكات بين المجموعتين في النيل الأزرق، 15 يوليو/ تموز الماضي، مطالبات قبيلة ”الهوسا“ بقيام ”إمارة“ لها في الإقليم، وهو ما لم يكن مسموحاً به من قبل مجموعة ”الهمج“، وهم السكان الأصليون في المنطقة أصحاب الأرض منذ السلطة الزرقاء عام 1505م.

ويرى باسل طه أن المشكلة المتجددة في النيل الأزرق يمكن أن تنتهي إلى الأبد في حال توقيع اتفاقية صلح تتنازل فيها ”الهوسا“ عن المطالب بالحصول على ”إمارة“ في الإقليم، مشيراً إلى أن المنطقة لم تشهد نزاعاً قبلياً منذ مئات السنين وكان سكانها يلتزمون بالنظام الإداري الأهلي.

وكانت إجراءات التوقيع على وثيقة وقف العدائيات بين الطرفين المتنازعين في النيل الأزرق أشرفت عليها لجنة المصالحات في قوات الدعم السريع، التي يقودها نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو، الشهير بـ ”حميدتي“.

ووقع على الوثيقة ”مكوك السلطنة الزرقا“، وهم قيادات الإدارة الأهلية في الإقليم، بجانب مكونات قبيلة ”الهوسا“، كطرفي صراع، وحاكم الإقليم أحمد العمدة بادي، وقائد ثاني قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، كضامنين للاتفاق.

حلول فوقية

ويرى المحلل المتابع للأحداث في إقليم النيل الأزرق، عمار عوض، في تصريحه لـ“إرم نيوز“، أن الحلول التي تم فرضها في الفترة الماضية كانت حلولا فوقية وذات طابع يجمل الأزمة ولا يضع لها حلاً جذرياً.

وأوضح أن الأزمة بين المكونات في النيل الأزرق تتعلق بالحق في التمثيل السياسي في المركز وحكومة الإقليم، حيث ما زالت بعض المكونات القبلية ”الفونج“ يرون أن تمثيلهم أقل مما اعتادوا عليه تاريخياً، بالإضافة إلى عدم توقيع اتفاق سلام مع الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو التي يواليها عدد مقدر من قبائل ”الفونج“ في النيل الأزرق.

وتابع: ”بالتالي يجب إعادة التوازن للتمثيل السياسي في حكومة الإقليم من جهة، والسعي نحو اتفاق تفعيل لجان مراقبة اتفاق وقف العدائيات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو؛ للحيلولة دون انخراط مجموعات مسلحة في الصراع بين المكونات القبلية بالإقليم“.

وأشار عمار عوض إلى أن قبائل ”الأودوك“ التي ينحدر منها نائب عبد العزيز الحلو، جوزف توكا، يوالون الحركة الشعبية بقيادة الحلو، وهم من مجموعة قبائل ”الفونج“، ما يزيد تقاطعات أزمة الإقليم.

منع عاطل مصري من ارتكاب جريمة على غرار واقعة نيرة أشرف
أمن الساحل الغربي يطيح بخلية مفخخات حوثية
وذكر أنه ”في الوقت نفسه يجب أن تلتزم قيادات حكومة الإقليم بالوقوف على مسافة واحدة من جميع القبائل المتصارعة“.

وكانت ”لجنة أمن إقليم النيل الأزرق“ قالت، في بيان وصلت ”إرم نيوز“ نسخة منه، إن ”الاشتباكات تجددت دون أسباب واضحة، رغم المساعي الحثيثة التي بُذلت لوقف الأعمال العدائية“.

وكانت تقارير إخبارية محلية قالت إن تجدد الاشتباكات بين قبيلتي ”الهمج“ و“الهوسا“ في مدينة الروصيرص جاء عقب شروع لجنة المصالحات بإعادة نازحين هربوا من منازلهم في أحداث تموز/ يوليو الماضي الدامية.

إرم نيوز

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى