الحركة الاسلامية وضرورة فتح ومراجعة ملفات الانقاذ الشائكة (13)
[ad_1]
التيار الاسلامي العريض إسم أخذ يتم ترديده في الآونه الاخيره مرتبطاً بالأحداث الراهنة والملابسات التي يمر بها الوطن ويتساءل الكثيرون عن كنهه وهل هو تنظيم له عضوية مسجلة ومقر وأجهزة قيادية فيها تسلسل هرمى من القاعدة للقمة أم هو تحالف يضم عدداً من الأحزاب والتنظيمات والجماعات الاسلامية وله برنامج متفق عليه وهياكل تنظيميه أم هو لا هذا ولا ذاك (ولا باس ان يتم التنسيق واتخاذ موقف موحد عندما يتطلب الظرف ذلك دون ان يكونوا كتلة واحدة صماء بكماء). وشهد الوطن تحالفات وقيام جبهات واحياناً تحدث بينهما اندماجات وعلى سبيل المثال كانت توجد منذ النصف الثانى من أربعينيات القرن الماضى عدة أحزاب تنادى بالاتحاد مع مصر وبعضها ينادى بالوحدة معها. وفي عام 1953م أرادت الحكومة المصرية ان تجمع كل تلك الاحزاب وتوحدها في حزب واحد وتدعمه دعماً مالياً ضخماً سخياً ليكستح الانتخابات التي كان مقرراً ان تجرى في نهاية ذلك العام ووجهت الحكومه المصريه الدعوة لقيادات تلك الاحزاب وتحت رعاية الرئيس محمد نجيب اجتمعوا وتفاوضوا وتم الاتفاق على الاندماج في حزب واحد اطلقوا عليه اسم الحزب الوطنى الاتحادى واختارت اللجنة التنسيقيه المحايدة السيد اسماعيل الأزهرى لرئاسة الحزب.. والحزب الشيوعى كان وما زال يميل للعمل عبر التحالفات والجبهات العريضة مع سعيه ان يكون هو الدينمو المحرك. وأقام في خميسنيات القرن الماضى الجبهة المعادية للاستعمار وعين الأستاذ عبدالرحمن الوسيلة عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعى سكرتيراً عاماً لها. واقام الحزب الشيوعى الجبهة الديمقراطيه في الجامعات والمعاهد والمدارس وغيرها وبعد ثورة اكتوبر عام 1964م كان هو رأس الرمح في جبهة الهيئات وعن طريقها كان للحزب الشيوعى عدد كبير من الوزراء في حكومه اكتوبر الاولى التي أسقطتها الجماهير بمظاهرات هادرة ضدها وحلت محلها حكومة أكتوبر الثانية التي كان للحزب الشيوعى وزير واحد فيها هو الأستاذ أحمد سليمان المحامى وبعد حل الحزب الشيوعى كان الشيوعيون يعملون تحت لافتات بعض منظماتهم وأقاموا التجمع اليسارى الذى ضم الماركسيين والعروبيين وبعد انتفاضة أبريل في عام 1985م كان الحزب الشيوعى عضواً فاعلاً في التجمع الوطنى الذى ظل قائماً بعد إجراء الانتخابات العامة وحتى نهاية عهد التعددية الحزبية الثالثة وكان يضم أحزاباً في الحكومه وأخرى في المعارضة واستمر بعد ذلك في الخارج لعدة سنوات في عهد الانقاذ السابق وبعد توقيع اتفاقية نيفاشا وعودة عدد من المعارضين عين عدد منهم أعضاء بالمجلس الوطنى واستمرت عضويتهم لمدة خمسة أعوام. واقام هؤلاء مع معارضين آخرين بالداخل تحالفاً معارضاً (سمك لبن تمر هندى) كان يضم الحزب الشيوعى وحزب الأمة والحزب الاتحادى الديقراطى الأصل (قبل أن يشارك في السلطة وينخرط في النظام) وحزب البعث والمؤتمر الشعبى والحركة الشعبيه قطاع الشمال و… الخ وكانت قياداتهم تعقد اجتماعات راتبة منتظمة وفي نهاية كل اجتماع كان اثنان من المجتمعين يدليان بتصريحات للصحف ولأجهزة الاعلام الاخرى لتوضيح ما دار في الاجتماع واثبتت الأيام ان تلك الاجتماعات كانت كلام (عوك في عوك) ومن الطرائف واللطائف انهم دعوا لمظاهرة تبدأ من ميدان ابوجنزير وعندما حضر الأستاذ محمد ابراهيم نقد وجد الميدان خالياً وبطريقته الفكهة اللطيفة أخذ قطعة كرتونة وكتب عليها بفحمة حضرنا ولم نجدكم!! …………. وفي الديمقراطية الثانيه حدث في النصف الثانى من الستينيات تحالف ضم حزب الأمة وجبهة الميثاق الاسلامى وحزب سانو جناح وليم دينق وعند اغتيال الأستاذ وليم في الجنوب في عام 1968م عندما كان يقوم بجولة انتخابيه قام قادة وأقطاب حزب الأمة وجبهة الميثاق الاسلامي بأداء واجب العزاء وتلقى العزاء فيه بالكنيسه… أما بالنسية للحركة الاسلامية فان تحالفاتها كانت عديدة مع تجديد وتغيير الأسماء وبعد ثورة أكتوبر في عام 1964م كونت جبهة الميثاق الاسلامي وكانت تضم الاخوان المسلمين وأنصار السنة وعدداً من المنتمين للطرق الصوفيه التي كان أغلب شيوخها ومريديهم ينتمون للحزب الوطنى الاتحادى. وبعد انتفاضة ابريل في عام 1985م كونت الجبهة الاسلامية القومية وعمودها الفقرى وركيزتها الاساسية الحركة الاسلامية التي كانت قاصرة على اعضائها المنتمين اليها وبجانبهم ضمت الجبهة آخرين وسعت بهم قاعدتها الجماهيرية واستقطبت قياديين كانوا في أحزاب أخرى انضموا إليها واصبحوا من القياديين في الجبهة الاسلامية القومية مثل الأستاذ أحمد سليمان المحامى الذى كان قطباً شيوعياً سابقاً وأصبح قطباً قيادياً بالجبهة ورئيساً لمجلس إدارة صحيفة الراية الناطقة باسم الجبهة وكان من أبرز كتابها وضمت الجبهة أيضاً الأستاذين عباس ابراهيم النور وعبدالمنعم الدمياطى وكانا من كبار الناصريين وعندما انضما للجبهة الاسلامية عملا فيها بصدق واخلاص وأصبحا من القياديين فيها. وفي بداية عهد الانقاذ تم حل كل الاحزاب بما فيها الجبهة وبقى التنظيم المعروف بالحركة الاسلامية قائماً بكل روافده ومنظماته ومكاتب معلوماته وانخرط الكثيرون من المنتمين لمكاتب المعلومات لجهاز الأمن الشعبى ولجهاز الأمن الرسمى وكل الذين تسنموا قيادة تلك الأجهزة وكانت لهم رتب نظامية كبيرة وبعضم نال رتب فريق أول أمن كانوا في الاساس من المدنيين. وفي بدايات عهد الانقاذ كون تنظيم أطلق عليه إسم المؤتمر الوطنى نال عضويته كل الذين تضمهم الحركة الاسلامية وفتحت الأبواب واسعة لتضم كثيرين من غير أعضاء الحركة الاسلامية وبعد اعداد واجازة الدستور في عام 1998م المعروف مجازاً باسم دستور التوالى صدر قانون أجيز بموجبه حق تسجيل الأحزاب وبموجب ذلك تم تسجيل حزب المؤتمر الوطنى ولم تضاف اليه كلمة إسلامى لان الحزب ضم عدداً لا يستهان به من المسيحيين تولى بعضهم مواقع قيادية في الحزب على مختلف المستويات القاعدية والوسيطة والقيادية. والعلاقة بين الحركة الاسلامية وحزب المؤتمر الوطنى كانت طبيعية وفي ظل وجود السلطة الممسكة بكل الخيوط كانت توجد وحدة اندماجية بين الحاءات الثلاثة (حكومه ـــ حركة ـــ حزب) لها رئيس واحد. والآن بعد انطواء صفحة ذلك النظام اضحى للحركة الاسلامية منلوجها الداخلى ولم يعد لغير المنتمين اليها من اعضاء المؤتمر الوطنى الآخرين شأن بما يدور فيها إلا من قبيل الاهتمام بالعمل العام والتعاطف بحكم العلاقة السابقة…
وجنوب السودان يضم مسلمين ومسيحيين ولا دينيين وبعد انفصال دولة جنوب السودان فان المسيحيين الجنوبيين اصبحوا خارج وطنهم الكبير وتبعاً لذلك فان نسبة المسلمين في السودان الآن أكثر من خمسة وتسعين في المائة بل ان النسبة قد تكون في حدود ثمانية وتسعين في المائة بمختلف انتماءاتهم لليمين والوسط واليسار وكل مسلم يُنسب الى الاسلام هو اسلامى ولا يقتصر هذا الانتساب لجبهة او لحركة او لحزب او لجماعة او لطائفه او لطريقه ولكن صفة اسلامى واسلاميين تُنسب مجازاً لمن يُنسبون لما يطلق عليه (الاسلام السياسى). وفي عام 1986م أجريت انتخابات عامة لتكوين الجمعية التأسيسية وخاض حزب الأمة الانتخابات بعد أن طرح للناخبين برنامج نهج الصحوة الاسلامية وعند ظهور نتائج الانتخابات كانت عدد الدوائر الجغرافية التي فاز بها مائة وواحد اما الحزب الاتحادى الديمقراطى فقد كانت هتافاته في الندوات والليالى السياسية جمهورية اسلامية مية المية وحصل على ثلاثة وستين مقعداً وكانت هتافات وشعارات الجبهة الاسلامية شريعة شريعة او نموت الاسلام قبل القوت وحصلت الجبهة على واحد وخمسين مقعداً منها ثلاثة وعشرين في دوائر جغرافية وثمانيه وعشرين في دوائر الخريجين. وإذا طُرح تساؤل.. هل تم تنفيذ ما تم الوعد به في الانتخابات ام ان تلك كانت مجرد دغدغة للعواطف الدينيه لكسب الاصوات وتصبح المسالة مجرد طق حنك وشعارات.
والسودان كان منذ القدم ولا زال يشهد تسامحاً دينياً ليس له مثيل ولم تحدث قط ولا حادثة شجار واحدة بين مسلم ومسيحى في يوم من الايام بسبب الدين قُدمت للمحاكم. وظل المسيحيون يمارسون طقوسهم الدينية في حرية تامة بل ان اليهود الذين كانوا يقيمون في السودان خرجوا منه بمحض اختيارهم لاسباب اقتصادية وتجارية وليس بسبب اضطهاد دينى وكانوا يمارسون طقوسهم في حرية تامة ولهم معبدهم ومقبرتهم….. والبعض الآن يرفعون فزاعة ان الاسلاميين متطرفون ويمثلون خطراً داهماً ويهدد هؤلاء العالم الغربى ويوهمونه بان الاسلاميين سيكتسحون اية انتخابات ولذلك عليهم السعى لتأجيلها لاجل غير مسمى وهم يفعلون ذلك لإدراكهم انهم لن يحصلوا على شيء يذكر ولذلك فانهم يسعون بهذه الترهات والاكاذيب لعدم اجرائها. وقراءة الواقع على حقيقته تؤكد ان السلطة الاحادية والسيطرة الكلية قد انتهى عهدها بالنسبة للاسلاميين وسيطرتهم مرة اخرى فيها استحالة وكذلك فان استئصالهم فيه استحالة وسيبقى لهم وجود جزئي مثل الآخرين. اما الحديث من تطرفهم فإنه غير صحيح واحتج البعض على رؤوس الاشهاد عندما كان النظام في اوج سطوته كان ناضجة سطوته ان انفلاتاً قد حدث في الشارع وكثرت الهملة والانطلاقة وما كان يحدث بشارع النيل وكولومبيا والحاويات التي قبضت وهي مليئة بالمخدرات تشهد على ذلك. والنظام لم يكن متطرفاً بدليل ان بابا الفاتيكان عندما زار السودان استقبل استقبالاً اسطورياً حافلاً اذهل كثيراً من المراقبين والاعلاميين المرافقين وكان الاخوة من الجنوبيين المسيحيين كانهم في يوم عيد سعيد وخرجوا بملابس زاهية وهم يغنون ويرقصون… وكثر الحديث عن الديانه الابراهيمية في ذلك الوقت واقيمت صلوات نظمها مجلس الصداقة الشعبية اشترك فيها ائمة مساجد وقساوسة مسيحيين وحاخامات يهود… الخ. واقام كارلوس لفترة في السودان ولم يقم باى عمل ارهابى ومع ذلك تم تسليمه لفرنسا وفق صفقة تمت. واسامة بن لادن اقام في السودان ولم يتحدث في منبر عام وتم التعامل معه باعتباره مستثمر وكان معه عدد من الإفغان العرب وعندما استنفذ اغراضه بالنسبة لهم كادوا يدخلون في صفقة في عهد كلنتون لتسليمه لامريكا ولكن الصفقة لم تتم وبالإتفاق والتشاور معه اقنعوه بضرورة خروجه من السودان بإدعاء الحفاظ على سلامته وقد فعل.
واستضيف عدد من المتطرفين والمبرر ان بعض دول الجوار كانت تستضيف معارضين ضد النظام والحركة الاسلامية تضم حلقات ضيقة عديدة… المال … المعلومات … الفكر والفقه والدعوة… الخ مع وجود مجاهدين مستعدين للتضحية بارواحهم من اجل العقيدة والوطن ويضم التنظيم ايضاً عدد من محبى الغناء والطرب (وحكاية متطرفين دى مجرد فزاعة لابتزاز الخواجات). والحركة الاسلامية تحتاج لمراجعات وإعادة بناء وتنظيم على أسس جديدة ونهج جديد وقيادات ودماء حارة مع ضرورة الاستفادة من خبرات المخضرمين من المفكرين والخبراء الاسلاميين الناضجين… وأواصل.
صحيفة لانتباهة
مصدر الخبر