السياسة السودانية

الحرب في الخرطوم والمليشيا تهدد السودان في القلب، لكنها عاجزة عن أي (..)

[ad_1]

هذه المعركة ميدانيا من أصعب المعارك التي يخوضها الجيش السوداني، بل هي من الأصعب على الإطلاق على كل جيش نظامي منضبط، وثمة أسباب كثيرة تجعلني على يقين تام بأن الاستراتيجية العسكرية المتبعة من القوات المسلحة الباسلة هي أفضل استراتيجية ممكنة في هذه الحرب وذلك للآتي:

١- طبيعة جنود العدو: مليشيا ومجموعات عصابات، حُشدت بتعبئة ضد الدولة والمجتمع، عقيدتها تقوم على النهب والقتل والتخريب. هذا عدو لا يكترث للقيادة ولا يمتلك أي كابح وطني أو أخلاقي. ومع ثقافة تعاطي الحبوب ومخدر الآيس يتحولون لمجموعات قتل وهجوم بحركة مفرطة.

٢- طبيعة تسليح العدو: تسليح شخصي خفيف ومتطور وفعال، هذا التسليح أخطر من الأسلحة الكبيرة والفتاكة، لأن امتلاكه من قبل مشاة بالصفات التي ذكرناها يصنع مشاة خطرين جدا، بجانب التسليح الشخصي هناك تسليح قتالي فعال يُركب على العربات القتالية والعربات المنهوبة، وكذلك تسليح نوعي آخر وخفيف وبعض المسيرات المعدلة.

٣- طبيعة بيئة المعركة: من ناحية جغرافية هي بيئة تخدم المليشيا من ناحيتين. أولا: تحتمي بالبيوت وتتحرك مسرعة بين الأحياء وتستفيد مما تنهبه من السيارات وأدوات التنقل. ثانيا: لا تمتلك أدني ارتباط حقيقي بالأرض وحماية البنية التحتية، لذا تخرب وتتحرك بحرية بأكثر من الجيش الذي يجب أن يحسب تحركاته جيدا. ومن ناحية البيئة الاجتماعية فإن تحالفا عميقا نشأ بين المليشيا وبين أرتال المجرمين واللصوص والمهاجرين غير القانونيين فمثلوا له مصدر إمداد بالمقاتلين أو تقديم الخدمات الأخرى.

بالنقاط السابقة ومع غياب الهدف السياسي للحرب عند المليشيا تحولت لمهدد أمني خطير، ومثل هذا الهجوم البري الوحشي المستمر، ومع طبيعة أرض المعركة ومع خفة التسليح يمكن حقا لهذا المليشيا أن تسبب ضررا بالغا لأي جيش نظامي.

لذلك فإن استراتيجية القوات المسلحة استراتيجية معقولة تماما، فما حدث قد حدث والحرب قامت والخسارة كبيرة والجميع دفع الثمن، ولكن هل يضع الجيش استراتيجيته بناء على هذه الأمور؟ هل يضعها بمنطق الثأر والغضب المنفعل؟ الإجابة لا، ومن يمتلك في خياله تصورا عن حرب أقرب لمشاهد السينما فيتخيل هجوم كثيف وبتناسق تام يقضي في ساعات على العدو فعليه أن يفتح قناة mbc2.

عليه نقول:
١- الحرب في الخرطوم والمليشيا تهدد السودان في القلب، لكنها عاجزة عن أي حرب أخرى في أي ولاية، ومهدداتها وانتهاكاتها وحربها في أي مكان آخر لا تمثل حربا شاملة، وتترك لتوازن داخلي حساس في إقليم دارفور وكل ذلك جزء من تداعيات حرب الخرطوم. وهذه نقطة ليست في صالح المليشيا.

٢- لا يجب على الجيش أن يُطابق أسلوب المليشيا ويُجاريه، هذا خطأ كبير لو حدث، لذا جعل هدفيه الرئيسيين: تحطيم غايتها من نيل السلطة وهذا تحقق، مهاجمة وجودها المؤسسي والمنظم في المعسكرات، انتهت القوة التي كانت تُسمى الدعم السريع وورثتها المليشيات.
٣- اتباع استراتيجية الصبر وبنفس طويل على هجوم أرتال المليشيا التي خرجت للشوارع بعد تحقيق الجيش للنقطتين السابقتين، لابد من الدفاع في مواجهة هجمات هؤلاء الأوباش البرابرة بهدف حماية المواقع المهمة التي يتمركز فيها الجيش. الاستراتيجية الدفاعية هنا خيار صحيح ومتسق مع كل ما سبق. وهي استراتيجية دفاعية ولكن في تنفيذها الصحيح تكتشف أنها تقود نحو النصر، وكأن الدفاع هنا هو خير وسيلة للهجوم وليس العكس كما يظن البعض.
٤- هجوم بالعمل الخاص والموجه، يشتت ويضعف ويضرب في مقتل ويذهب بأرواح المتمردين الجبناء للجحيم. من شأن ذلك تحقيق نقاط وتحقيق حماية متقدمة وتوجيه ضربات تزيد خوف هؤلاء الجبناء.

٥- العمل السياسي والدبلوماسي لضمان تحقيق أهداف الحرب الاستراتيجية وفق محددات وطنية وهي:

أ- عزل المليشيا عن أي تعاطف ودعم دولي سياسي وذلك عبر إعلان جدة. للأسف فإن الحليف السياسي للمليشيا والذي يسمى قوى الحرية والتغيير يعمل على تكسير هذا العزل، بذلك هو يساهم في إطالة عمر المليشيا، وعلى أي حال فإن عملية العزل تمضي بشكل تصاعدي.

ب- منع أي دور سياسي مستقبلي للمليشيا وحسم أي دور عسكري مستقبلي للمليشيا. ولهذا الهدف طرق جزء منها ميداني وأخرى تأتي عبر التفاوض والوساطة. وخلاصته احتكار الجيش للعنف القانوني والسلاح.

ج- تحفيز دور الأطراف الخارجية فيما يخدم مرحلة ما بعد الحرب، يجب أن يتحملوا مسؤولية التعمير والبناء مع وقف الحرب.

د- منع أي دور آخر للأطراف التي ساهمت بكثافة في الحرب، وتحديدا الإمارات والآلية الثلاثية وفولكر بيرتس.

هذه الأهداف هي جزء جوهري من عملية الحرب ككل، فهل تملك المليشيا أي هدف من الحرب؟ لا تملك أي هدف منها. فهي كما وصفناها عصابات مسلحة مليشياتية خطرة وجب مواجهتها، ووفاة قائدها حميدتي أو حياته لم تعد مهمة، فهو إن مات أو عاش ألف مرة يظل مجرد خائن متمرد وغادر جبان، هو شخص حارب السودان بأخطر حرب وأقصى تهديد.
بكل ما سبق وعود على بدء نقول:

الجيش ليس منزها بالطبع بل به نقاط ضعف كثيرة تحتاج لتطوير مستقبلي ولكن هذا الجيش الوطني يتبع الاستراتيجية المعقولة في هذه المعركة، وإذا حدث أي خطأ أو ضعف لا قدر الله فإن ذلك هو الممكن والمتاح وحينها يجب أن نفهم ونعترف ونواجه الحقائق كما هي، لكن التحليل الشامل سياسيا وبملاحظات ميدانية يؤكد أننا نخوض معركة الكرامة الوطنية ونمضي نحو تحقيق غاياتنا الوطنية والوصول للنصر وكسر شوكة هذه المليشيا وفتح الطريق لمسار وطني إصلاحي شامل.
والله أكبر والعزة للسودان
#جيش_واحد_شعب_واحد

هشام عثمان الشواني

الشواني
الشواني

[ad_2]
مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى