السياسة السودانية

الجرس دق لكن وين التلاميذ !

اليوم يقرع جرس الطابور لبدء العام الدراسي ، لكن الكثير من أولياء يواجهون صعوبات في تجهز الأبناء و دفع منصرفات الدراسة و الرسوم الدراسية ، هذا الأمر منهك حتى لمن يدرس ابناءه في المدارس الحكومية ، ناهيك عن المدارس الخاصة ، و ما ادراك بالمدارس الخاصة .
انتشرت المدارس الخاصة مع ارتفاع دخل الموظفين في فترة ما بعد اكتشاف البترول ، الموظف يتقاضى بين ٢٠٠ الى الفين دولار كأعلى دخل في المنطقة مقارنة بجميع دول الجوار ، مع ذلك الحياة المصاريف كانت بسيطة و في متناول الجميع لان كل شئ كان مدعوما الكهرباء الوقود الخبز الغاز الدواء كل هذه الضروريات كان ميزانيتها لا يتجاوز ال٢٠ دولار ، اقل ١٠% من راتب أصغر موظف …

ارتفاع مستوى دخل الفرد خلق حالة من الرفاهية و الوفرة المالية جعلت الكثيرين يبحثون عن حياة افضل لهم و لأبنائهم، فانتشرت المدارس الخاصة في مناطق مختلفة في السودان ، البيئة العامة في المدارس الخاصة ظلت أرقى من المدارس الحكومية و تناسب حياة أبناء ميسوري الحال … وصلت الرسوم الدراسية لبعض المدارس الخاصة ما يعادل أكثر من ثلاثة الف دولار ، كان أولياء الأمور يدفعونها بالجنيه السوداني بدون أن يحسوا بضخامتها، لان الجنيه المدعوم من اموال البترول يساوي وقتها أكثر من ريالين و درهمين و جنيهين و نصف من العملات المصرية ، و اقترب من التساوى بالدولار الأمريكي …

فجأة انحسرت اموال البترول و نضبت ، فقد الحنيه قيمته و تم تحريره ليقف عاريا وحيدا دون دعم ، و تم رفع الدعم عن كل الأساسيات بدون احتياطات اقتصادية او مؤسسات تشريعية ولا حواضن سياسية ، فأرتفعت اسعار السلع و تآكلت المدخرات و هبطت قيمة الممتلكات …
الموظف وذوي الدخل المحدود هم أكثر من تضرر من نضوب البترول و تحرير الاقتصاد ، لان رواتبهم لا تزيد بنفس نسبة الأسعار، فأصبحت قيمة السلع الأساسية الخبز و الكهرباء و الغاز و الوقود تساوي أكثر من ٢٠٠% من راتب الموظف بعد أن كانت لا تتجاوز ال١٠% .

أصبحت رسوم المدارس الخاصة و مستلزمات الدراسة بعبعا مخيفا لأولياء من الموظفين ، لانهم لا يستطيعون توفير الف دولار هي قيمة الرسوم الغالبة في معظم المدارس و رواتبهم لا تتجاوز ال٢٠٠ دولار او ٣٠٠ على أعلى افتراض و هي لا تكفي البنود الأساسية للصرف الشهري ناهيك عن توفير بعض المال للرسوم !! . لاحظ أن الرواتب التي ذكرتها عاليه لفئة الأعلى حظا و تعمل في بعض الشركات الخاصة ، أما السواد الاعظم فرواتبهم لا تتجاوز ال ١٠٠ دولار لا تغطي نفقات الكهرباء و الخبز و الماء . ناهيك عن الاحتياجات الاخرى .
أصبح أولياء الأمور بين نار بيع الممتلكات الأساسية و بعض الأثاث لدفع الرسوم و الاستدانة في بعض الأوقات، و بين نقل الأبناء إلى المدارس الحكومية ببيئتها المتردية ( الكثير من الأطفال لا يستطيعون قضاء حاجتهم في الحمامات المتسخة حتى يعودوا إلى المنزل مما يعرضهم للكثير من الامراض) ….

إذن الدولة و المجتمع التعليم أمام امتحان صعب في هذه الفترة بسبب التغيرات السياسية و الاقتصادية ، فيجب ام يجلس الجميع لإيجاد حلول منطقية قابلة للتطبيق …
بعض الناس طرحوا فكرة ان يدفع أولياء الأمور فقط ٥٠% من هذه الرسوم لصيانة و ترقية البيئة الدراسية في المدارس الحكومية فينقلون ابناءهم للدراسة فيها بدلا عن الاستدانة او بيع الممتلكات لدفع الرسوم الباهظة للمدارس الخاصة .

لكن هذه الخطوة تحتاج إلى منظمات مجتمع مدني قوية تقوم بتنفيذ هذه الأفكار، و حكومة لها رصيد عند الجماهير ليتعاطف معها المواطن فيحملون عنها مسؤولياتها …
إلى ذلك الحين يواجه أولياء الأمور و التلاميذ و المجتمع صعوبات كبيرة في استمرار العملية التعليمية ، صعوبات تهدد بتشريد الكثير من الأطفال عن مواصلة التعليم ، لتزداد نسبة الفاقد التربوي .

الأمر يحتاج إلى توسيع دائرة النقاش و الحوار لإيجاد حلول منطقية تدرأ هذه الكوارث .
سالم الأمين بشير ٢اكتوبر ٢٠٢٢
سالم الامين

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى