السياسة السودانية

التعدين بالولاية الشمالية .. بين الشركات الوهمية .. ومخالفات الشركة السودانية

*عضو اللجنة الميدانية: 12 شركة عاملة في مجال التعدين من بينها 4 شركات لم يتم تسجيلها، بجانب شركات وهمية اخرى

*موظف بالشركة السودانية: الشركة السودانية مخالفة في كثير من اللوائح وقوانين العقود بين الشركات

* يتم توريد مبلغ مليار و700 ألف جنيه يوميا في خزينة الشركة السودانية للتعدين بالولاية الشمالية..
* صاحب آبار بأحد مناجم الذهب: يوجد تلاعب في نسب جوالات الذهب بجانب جهات تحصل رسوم من المعدنين على الطريق بطرق غير رسمية

*أحد المعدنين: تغولت زوجة الرئيس المخلوع البشير وداد بابكر واشقائه على منجم في منطقة (امبيض)

التعدين يمثل الرئة الوحيدة التي يتنفس عبرها الاقتصاد في الدولة السودانية، والذي لا زال مواطنيها يعانون رغم ما تنتجه الأرض من كنوز ورغم العدد الهائل من شركات الامتياز في مرحلتي الاستكشاف والانتاج وشركات المخلفات، هذا بخلاف التعدين التقليدي ولا يزال هناك تململ من المجتمعات المحلية في النواحي البيئة والانصبة والتعاقدات التي تتم بصورة مركزية ليس لحكومة الولاية ولا المحلية اي خيار القبول او الرفض او حتى الاستشارة حول بنود التعاقد، فالمواطن يشتكي من تسلط الدولة على منتجات أرضه والدولة تشتكي من التهريب وتقرّ من خلال التصريحات بأنه تم تسجيل العديد من ضبطيات الذهب المهرّب عبر صالات مطار الخرطوم وكأن العملية اشبه بالطرف الثالث رغم وجود جهاز الأمن، والأمن الاقتصادي، والجيش، لم توقف عمليات تهريب الذهب، ولم يكن حال الولاية الشمالية مختلفاً حيث عانت الولاية من تمكين نافذين النظام المباد “الفلول” وقوات الجيش، والدعم السريع في قطاع التعدين والذهب، فضلا عن الهيمنة على اراضي الولاية مثلما ماحدث في منطقة القرير بمحلية مروي وأليات الخبراء الروس في حلفاء .

شركات وهمية :
وحول ذلك التقت “الجريدة” بعدد من المعدنين بالولاية الشمالية حيث كشف صاحب آبار بأحد مناجم الذهب بالولاية الشمالية التجاني كامل في تصريح لـ(الجريدة) عن وجود عدد من الشركات الاجنبية بأسماء وهمية تعمل في التعدين، بالاضافة الى شركات نافذين للنظام البائد التي قامت بالاستيلاء على ابار الاهالي وعلى مناطق سكنية والاعتداء على الغابات والحيوانات البرية، واتهم نافذين في النظام البائد بالتورط في مساعدة شركات اجنبية لنهب مناطق اثرية ذات قيمة تاريخية على السودان ومقار حكومية، وأكد على أنه كان شاهد عيان في العام 2013 عندما نفذ نافذين من النظام السابق في مساعدة شركة تركية بنهب منطقة أثرية تقع في منطقة نيروا جنوب منطقة الخناق، وذكر أنها كانت مليئة بالآثار التي تقدر بملايين الدولارات المتمثلة في ” عدد كبير من المومياء، وتماثيل من حجر التزلط”، واكد على انه لم يتم التحقق من الجهة التي نهبت تلك الآثار الى هذا اليوم .

مشاكل التعدين:
وعلى الرغم من أن عقد لوزارة الطاقة والتعدين “قطاع التعدين ” لمعالجة مخالفات التعدين التقليدي للذهب الذي تحصلت “الجريدة” على نسخة منه، ألتزم بتوفير خطة للادارة والسلامة البيئية، بجانب توفير برنامج ادارة وحماية البيئة حيث اشترط بأن يكون متوافقا مع دراسة تقييم الاثر البيئي، بالاضافة الى أنه ألتزم بأن يتم تجميع مخلفات التعدين في مكان مخصص لتخزين المخلفات داخل الموقع، على الرغم من ذاك إلا أنه رسم صورة قاتمة لوضع 100 ألف معدن أهلي يعملون في مناطق التعدين التي يبلغ عددها 22 منجم ذهب بالولاية الشمالية، وصفها بالمأساوية والكارثية، وقال في تصريح لـ”الجريدة”: يعانون من عدم تهيئة البيئة الصحية بمناطق التعدين، وعدم توفر الحماية الامنية بالاضافة عن عدم توفر دورات المياه “المراحيض”، بجانب بعد مسافة الطواحين من مناجم الذهب بمسافة 20 كيلو متر مما يؤدي الى زيادة التكلفة المالية، فضلا عن استخدام المواد السامة المتمثلة ” السيانيد، الزئبق” مما تسبب في تعرض عدد كبير من المعدنين لاصابة بالسرطان، بجانب أن عدم توفر خبراء في مجال “الجلوجيا” وعدم توفر رقابة فنية على الآبار مما أدى الى وقوع كوارث انسانية بانهيار آبار التنقيب ووفاة أكثر من 800 معدن منذ العام 2013م والى الان، بالاضافة الى انتشار الظواهر السالبة مثل انتشار المخدرات، وأضاف: من المؤسف يتم تشغيل الاطفال في مجال التنقيب الأهلي الذين يتراوح اعمارهم مابين 11 عام الى 17 عاماً، وكشف عن وقوع عدد من الاغتصابات وسط الاطفال، بجانب استغلالهم في ترويج المخدرات والخمور، وشدد على ضرورة تدخل الجهات ذات الاختصاص لمنع الاطفال بالعمل في مناطق التعدين، بالاضافة الى توفير الحماية الامنية للمعدنين، واستجلاب شركات وخبراء في مجال “الجلوجيا”، وشدد على ضرورة أن يتم تحصيل الرسوم إلكترونياً، وتشكيل لجان لتنظيم التعدين الاهلي بلوائح وقوانين.

واوضح: تتوزع تلك المناجم في محلية دنقلا وتشمل “منجم القعب، وود ادريس،” بالاضافة الى المحليات الثلاثة بها مناجم “دلقو، ابو صارة، وسعد افلتي، منطقة شتى “، محلية عبري بها منجم “فركة وغرب فركة، ومنطقة عمارة، تشوشكا، خنيق، حماد” بجانب محلية وادي حلفا وهي تبدا من منجم عكاشة واراشة سبنا جميل ومناطق شرق حلفا ومناطق خلوية شرق جبيت.” بالاضافة الى المثلث شمال غرب الحدود الليبية السودانية.

تغول على مناجم ذهب
وفي ذات السياق كشف محمد أحمد عن تغول زوجة الرئيس المخلوع البشير وداد بابكر واشقائه على منجم في منطقة “امبيض” بوادي حلفا من الاهالي، لفت الى ان المنجم ذات إنتاج عالي من الذهب، وقال: يوجد عدد من ضباط الجيش والدعم السريع تغولوا على مناجم الاهالي بالقوة، واتهم بعض من موظفي منجم القعب بالتورط والتلاعب في نسب جوالات الذهب بجانب جهات لم يسمها تتحصل على رسوم من المعدنين في الطريق بطرق غير رسمية، وشدد على ضرورة ان تتخذ الجهات ذات الاختصاص اجراءات رسمية بتحصيل الرسوم المالية بإيصال حتى يعي المعدن بحقوقه وتجد الولاية نصيبها من تلك المبالغ والاستفادة منه في الصحة والتعليم وطالب بتقريب مسافة الطواحين لمناجم الذهب، بجانب توفير الرقابة والحماية في مناطق التعدين من قبل الجهات ذات الاختصاص ، وطالب بانشاء ثلاثة مصافي للذهب في المحليات الثلاثة “دنقلا عبري، حلفاء”.

عدم وجود رقابة فنية:
وارجع المعدن محمد أحمد عدم الاستفادة من إنتاج الذهب كمعدن استراتيجي وإرادته في التنمية والنهوض بالاقتصاد الى سوء الإدارة وفساد الشركات الوهمية بجانب فرض النفوذ العسكري وتدخل ضباط الجيش والدعم السريع في مناجم الذهب، وجزم بان نسبة الذهب التي يتم استخراجها تغطي نسبة 70% من عجز الميزانية بالبلاد في حال تمت بالإجراءات الرسمية، وقال: هناك تحديات ومشاكل صحية تواجهة المعدنين لخصها في استخدام المواد السامة “السيانيد والزئبق”، وحذر من استخدام من تمدد المعدنين في استخدام تلك المواد السامة في الأراضي الزراعية الصالحة بأنها سوف تؤدي الى تلف الاراضي.

مخالفة الشركة السودانية:
وأوضح موظف بالشركة السودانية بالولاية الشمالية فضل حجب اسمه لـ”الجريدة” الى ان الشركة عبارة عن مؤسسة رقابية تتبع الى وزارة المالية لقطاع التعدين، بالاضافة الى انها تتحصل ضريبة التعدين بنسبة ١٠% من قيمة ناتج الذهب من المعدن على حسب العقد المبرم بينهما، وقال على الرغم من ذلك الا ان الشركة بتحصيل رسوم بنسبة 40% بما يعادل ٤٠٠ جنيه على كل جوال بدلا عن نسبة ١٠% ، واكد على ان الشركة السودانية مخالفة في كثير من اللوائح وقوانين العقود بين الشركات، بالاضافة الى الشركة السودانية تمنح التصديق لتلك الشركات ويتم ابرام العقد بين 3 اطراف “الشركة السودانية ، الشركة المستثمرة وبين وزارة المالية” بشرط أن الشركة السودانية تحصل بنسبة 30% من الذهب، فضلا عن عدم وجود صلاحيات ادارية بجانب التداخل في نظام العمل، وقال نقلا عن المدير “بان المدير العام عند سؤاله من اي قرار يؤكد لهم بأن ليس بيده اي القرار وأن كل القرارات تأتي من جهات عليا”.

ارتفاع إنتاج الذهب:
مبينا: يوجد بالولاية الشمالية بالضفتين الشرقية والغربية تسعة، من مناطق التعدين ، منها خمسة اسواق تقع شرقاً واربعة غربا وهي “ود إدريس او البرقيق، عكاشه، دلقو، صواردة، وحلفا الخناق، القعب، الدبة، شدة ” وكشف في ذات الوقت عن أن نسبة انتاج الذهب ترتفع في فصل الشتاء بتلك الاسواق، بجانب يتم توريد مبلغ مليار و700 ألف جنيه يوميا من إنتاج الذهب في خزينة الشركة السودانية للتعدين بالولاية الشمالية ، مبينا حيث يرتفع الإنتاج في سوق الخناق الى ما يقارب 800 جوال حجر ذهب بما يعادل ٣٥٠ ألف جنيه يوميا، اما سوق دلقو الذي وصفه بـ السوق الأكبر في الولاية ترتفع نسبة الانتاج الى 3000 جوال يوميا بما يعادل مبلغ مليار 200 الف جنيه يوميا، وزاد اما في حلفا من اكبر ثلاثة أسواق في الولاية، بالاضافة الى الاسواق الصغيرة يتراوح إنتاجها ما بين (150- 100) ألف جنيه يوميا، وفي تقيمه لدخل ايراد الأسواق الصغيرة وصفه بالايراد الضعيف.

شركات وهمية وتغول:
ومن جهته كشف عضو اللجنة الميدانية في مجال الذهب بالولاية الشمالية إبراهيم عبد الله، على وجود 12 شركة عاملة في مجال التعدين من بينها 4 شركات لم يتم تسجيلها، بجانب شركات وهمية اخرى من بينها شركة باسم شركة الشمالية للتعدين، وقال: تفاجأنا بأن شركة الشماية للتعدين لديها مديونية تقدر بمبلغ ” ترليون و715 ” ألف جنيه وتم تسديدها ولا نعلم لمن تم تسديد ذلك المبلغ.
وأضاف: من خلال رصد ومتابعات اللجنة الميدانية اكتشفنا أن الشركة السودانية تغولت على نصيب الذهب من إيرادات الولاية، بجانب انها لم توفير نسبة الولاية من موارد الذهب من يوليو للعام 2021م ، فضلا عن انه تم توريد 122 مليار جنيه من نسبة التعدين الاهلي وشركات “الكرته” مما أدى الى مطالبة اللجنة في ذلك الوقت بإغلاق الشركة السودانية بالولاية.

فدوى خزرجي
صحيفة الجريدة

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى