البرازيليون يلقون النظرة الأخيرة على جثمان “الملك” بيليه في ملعب نادي سانتوس
نشرت في: آخر تحديث:
يتوافد البرازيليون على ملعب نادي سانتوس الواقع بالمدينة (جنوبي شرق البرازيل)، الإثنين لتكريم أسطورة كرة القدم بيليه. وقد وضع تابوت “الملك” وسط الملعب حيث يتسنى للجماهير إلقاء النظرة الأخيرة على جثمانه قبل أن يوارى الثرى الثلاثاء في جنازة تحضرها فقط عائلته. وقضى بيليه معظم حياته ومسيرته الرياضية في سانتوس. كما يتابع مئات الملايين في بقية البلاد وعبر العالم هذه المراسم.
يحظى أسطورة كرة القدم، البرازيلي بيليه، الإثنين بتكريم شعبي كبير بمدينة سانتوس (جنوبي شرق البلاد)، حيث قضى معظم حياته ومسيرته الرياضية. ويتسنى للجماهير توديع بطلهم وإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان “الملك” في ملعب المدينة حيث وضع تابوته، قبل أن يوارى الثرى الثلاثاء في جنازة تقتصر على حضور أسرته.
للمزيد – ريبورتاج: التحضير على قدم وساق لجنازة “الجوهرة السوداء” بيليه من ملعب نادي سانتوس الأسطوري
إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو، المدعو والمعروف باسم بيليه. نال الشهرة في بلاده في سن 17عندما قاد منتخب “السيليساو” إلى أولى ألقابه الخمسة بكأس العالم (1958 و1962 و1970 و1994 و2002) وهو حتى اليوم اللاعب الوحيد الذي فاز بالكأس ثلاث مرات. تحول “بيليه” إلى نجم عالمي في وقت سريع، وأتم مشواره البطولي الأسطوري مع المنتخب في 21 يونيو/حزيران من عام 1970 ضمن “فريق الأحلام” البرازيلي الذي فاز بكأس “جول ريمي” بعد نهائي خرافي أمام إيطاليا (4-1) على ملعب “أزتيكا” في مكسيكو.
على ضوء هذه المعطيات، تتضح ملامح مكانة وشهرة بيليه، الذي توفي الخميس المضي عن 82 عاما إثر صراع طويل مع مرض السرطان، وسط البرازيليين وعلى وجه الخصوص عند مواطنيه بمدينة سانتوس التي قضى فيها جزءا كبيرا من مسيرته الكروية (1956-1975) وحياته. ورفع سجل إحصاءاته الرسمي من حيث عدد الأهداف إلى 1281 خلال 1362 مباراة، منها أكثر من 1000 هدف بقميص نادي سانتوس.
وعلى ضوء هذه المعلومات أيضا، يمكن إدراك وفهم معنى التكريم الشعبي الكبير الذي يحظى به “لاعب القرن العشرين” (حسب الفيفا) الإثنين بمدينته الواقعة على بعد نحو 70 كيلومترا من ساو باولو، في الساحل الجنوبي الشرقي للبرازيل. ويشارك في “ليلة الجنازة” هذه وإضافة إلى الوافدين، مئات الملايين عن بعد عبر البلاد والعالم بأسره.
وجهة سياحية تتحول إلى قِبلة وطنية وعالمية
في سانتوس، الوجهة السياحية المفضلة لدى سكان ولاية ساو باولو، يتحول ملعب “فيلا بيلميرو” الذي يتسع لـ16 ألف شخص إلى قِبلة وطنية مع وصول جثمان بيليه الإثنين حيث يوضع التابوت وسط الميدان ويستمر التكريم لأجل السماح بتوديعه لمن تيسر لهم. وقبل انطلاق هذا الوداع، قال أحد الصحافيين المحليين لفرانس24: “سيكون التكريم خرافيا، فهو أمر غير مسبوق، لكن للأسف لن يتمكن الجميع من رؤية الجثمان”.
للمزيد- ملك كرة القدم الأسطورة بيليه في صور
“بيليه سمح للناس أن يتقاربوا على اختلاف فرقهم”
وبدأ النشاط في محيط الملعب فور إعلان وفاة بيليه، وستظل الحركة مستمرة لغاية دفنه الثلاثاء بحضور أسرته. جاء روان وصديقته غابريلا من مدينة ساو باولو إلى سانتوس للمشاركة في تكريم النجم السابق، وقالا لفرانس24 إنه “حدث تاريخي، فبيليه أسطورة ترك بصمته في كل مكان وليس فقط على ملاعب كرة القدم”. وأسرّ روان، المتحدر من بلدة باورو حيث بدأ بيليه مسيرته، أنه أصبح مشجعا لنادي سانتوس لأن جده كان من عشاق اللاعب الساحر، مضيفا بأن كل من حضر أو شاهد إنجازات “ملك” كرة القدم “نقل شعلته وحوّل إعجابه للأجيال التالية”.
من جانبها، اعتبرت غابريلا، وهي صحافية تعمل في مجال الإعلام المؤسساتي، أن “كرة القدم هي جسر يربط بين الناس والعائلات”، مضيفة: “كرة القدم كانت رابطا بيني وبين والدي، وبيليه سمح للناس أن يتقاربوا على اختلاف فرقهم”.
وفي البوابة رقم “10” لملعب سانتوس، الذي يرمز للرقم الأسطوري الذي حمله بيليه طوال مسيرته، أقام المشجعون والمعجبون نصبا رمزيا تكريما للاعب السابق، كما وضعت أكاليل من الزهور حوله.
كان رأس اللاعب “مجهزا بنظام جي بي إس”
تراقب آنا فاريلا حمى النشاط البشري الذي تسارع وتكثف في مدينتها منذ الإعلان عن وفاة بيليه ببالغ الأهمية والتركيز. فهذه المرأة البالغة من العمر 65 عاما، والتي يقابل منزلها المدخل الرئيس للملعب، هي من أسست أول نادٍ للمشجعات في البرازيل. وقد شهدت آنا مباراة واحدة خاضها بيليه مع سانتوس، وذلك في مطلع سبعينيات القرن الماضي. وقالت وهي ترتدي قميص سانتوس (الأبيض والأسود) إن بيليه والكرة كانا “شريكان يفهم بعضهما البعض”، مضيفة بأن رأس اللاعب “كان مجهزا بنظام تحديد الموقع (جي بي إس) إذ إنه كان يعلم بالتحديد تموضع الكرة وكذلك زملائه ومنافسيه على الميدان”، مشيرة إلى أنه “رفع سانتوس والبرازيل ونقلهما إلى كل أنحاء العالم”.
لكن ذكريات آنا فاريلا لا تتوقف عند محطات أو مؤهلات النجم الراحل، بل تشمل أيضا صفات الرجل الذي ظل وفيا لمدينته عقب مسيرته الكروية الحافلة بالإنجازات والألقاب، سواء الفردية أو الجماعية. فقد كان “رجلا عظيما، لكنه متواضعا في تعامله مع الناس، وكان يتحدث للجميع ويتصور مع من أراد.. لقد كان الأفضل بالنسبة إلي”.
وكان الأفضل أيضا بالنسبة إلى ألبيرتو فرانسيسكو دي أوليفيرا، صاحب حانة عند مشارف الملعب، والذي يحمل وشما في ذراعه يمثل انتصارات نادي سانتوس. وأقر هذا الرجل بأنه لم يكن ليشجع الفريق “الأبيض والأسود” من دون بيليه، “فهو لاعب مختلف عن باقي اللاعبين، إنه عملاق بفنياته وتسديداته وأهدافه.. وكان يفعل بالكرة ما عجز غيره أن يفعله”.
“شكرا يا ملك”
من جانبه، قرر الحلاق “ديدي” إغلاق محله فور سماعه خبر وفاة بيليه، وأسر بأن “نهاية العام 2022 محزنة”. لكن امرأة جالسة بجانبه قالت إن “إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو قد مات، في حين بيليه سيظل حيا في قلوب الناس”، مضيفة بأنه “رجلَ وحدة وتلاؤم”.
بالتأكيد، شخصية بيليه لعبت دورا بارزا في توحيد البرازيليين، فيما تمكن اللاعب لوحده من قيادة فريق متواضع بمدينة ساحلية متواضعة إلى هرم الكرة الوطنية والإقليمية إذ نافس سانتوس عمالقة البلاد مثل فريقي الكورينثيانز وبالميراس. وقاد النادي للفوز عشر مرات بالدوري المحلي ومرتان بكأس ليبرتادوريس (دوري الأبطال الجنوب أمريكية).
فالأسطورة بيليه موجودة في كل مكان بسانتوس، لاسيما في وسط المدينة حيث تم تشييد نصب تذكاري وعلقت لافتات كتب عليها: “شكرا يا ملك”.
رومان ويكس موفد فرانس24 إلى سانتوس – أعده للعربية علاوة مزياني
المصدر