استبدال العملة يستهدف 200 ترليون جنيه خارج النظام المصرفي بعد 600 يوم من الحرب
بورتسودان 9 ديسمبر 2024 – كشفت مصادر حكومية لـ«سودان تربيون» أن عملية تغيير العملة التي ستبدأ غداً الثلاثاء تستهدف نحو 200 تريليون جنيه خارج النظام المصرفي، تمثل النسبة الأكبر خارج القطاع، ما ادى لفقدان الحكومة السيطرة عليه.
وأعلنت الحكومة في بورتسودان، يوم الأحد، بدء تغيير العملة ابتداءً من 10 ديسمبر الجاري، مؤكدة أن العملية تأتي في إطار تصحيح الأوضاع التي فرضتها الحرب.
وقصرت السلطات عملية الاستبدال على الايداع البنكي على الا يتجوز سقف السحب اليومي الـ200 الف جنيه.
وأشارت المصادر إلى أن الجيش سيطر على عائدات الذهب كاملة، إضافة إلى العائدات التي تدفعها شركات امتياز التعدين للدولة، فيما اقترض ملياري دولار من إحدى الدول المجاورة.
يقول نائب أمين أمانة العلاقات الاقتصادية بتحالف القوى المدنية المتحدة “قمم” حافظ الزين، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، إن حرب 15 أبريل أدت إلى انهيار القطاع المصرفي كليًا بالعاصمة الخرطوم وعدد من المدن السودانية.
وأشار إلى ارتفاع معدل التضخم النقدي من 450% في شهر أبريل الماضي إلى 650% في شهر سبتمبر 2024.
وأوضح أن هذا الارتفاع الجنوني في معدل التضخم النقدي تسبب في زيادة حادة وجامحة في المستوى العام للأسعار في جميع الأسواق الداخلية في السودان بنسبة تعادل 200 نقطة أساس.
وكشف مصدر في وزارة المالية لـ«سودان تربيون» عن إنفاق نحو 1.6 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الماضية على تجهيز المقاتلين في معسكرات مختلفة داخل السودان وخارجه.
وأوضح أن موازنة التدريب العسكري المفتوحة تعتمد على إيرادات الضرائب والجمارك والموانئ البحرية لمواجهة ما وصفته الحكومة بالعدوان على السودان ودعم معركة “الكرامة” التي يخوضها الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع.
وفي سياق متصل، أكد الخبير الزراعي غريق كمبال لـ«سودان تربيون» أن العديد من المشاريع الزراعية توقفت بسبب الحرب، واقتحام قوات الدعم السريع لمناطق المشاريع الحيوية، مثل السوكي ومشروع الجزيرة، الذي توقف بنسبة 80%.
وأشار كمبال إلى تداعيات أخرى فرضها اقتحام قوات الدعم السريع لعدد من المناطق، مما أدى إلى إغلاق الطرق المؤدية إلى غرب وجنوب البلاد،وتسبب في انقطاع إمدادات الديزل، حيث وصل سعر البرميل إلى 3 ملايين جنيه – حوالي 1500 دولار.
وأكد أن ذلك أدى إلى ارتفاع تكاليف الزراعة والإنتاج، إضافة إلى تقليص مساحات الزراعة وخروج مناطق واسعة في سنار والنيل الأزرق نتيجة هذه التداعيات.
وأشار إلى أن جزءًا من ولاية القضارف تأثر بشكل كبير، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة المدخلات، مما أدى إلى تقليص الزراعة في مناطق ضيقة ومحدودة.
وأوضح أن الأمطار الغزيرة خلال الخريف الماضي أثرت على بعض المحاصيل، أبرزها السمسم، وأدت إلى فقدان مساحات مزروعة لم يتم حصادها.
وتحدث غريق عن أن أكبر الخسائر التي تعرض لها القطاع الزراعي تمثلت في توقف التمويل البنكي الذي اختفى بشكل كامل وأثر على الموسم الزراعي، متوقعاً أن يكون حصاد الموسم الزراعي ضعيفًا بسبب هذه التداعيات.
صدمة
ويرى الخبير الاقتصادي وائل فهمي في حديث لـ«سودان تربيون» إن الآثار الاقتصادية للحرب الحالية تجاوزت نطاقها الاقتصادي، حيث تؤثر سلباً على بقاء الجنس البشري السوداني نفسه في مواجهته لثالوث الجوع والمرض والفقر.
وتشير البيانات النقدية، بحسب فهمي، إلى أن الكتلة النقدية في الاقتصاد السوداني مستمرة في النمو حتى تصل إلى أكثر من 900 تريليون جنيه سوداني بنهاية عام 2022، حيث كان ما يتم تداوله داخل الجهاز المصرفي لا يتجاوز 10% منها، أي 90 تريليون جنيه.
وأكد في الوقت ذاته أن هذا يعني أن نحو 810 تريليون جنيه سوداني، أي ما يعادل 90% من الكتلة النقدية، خارج النظام المصرفي. ومن المؤكد أن هذا الرقم تفاقم أكثر خلال الحرب الحالية بسبب استمرار طباعة النقود والتزوير الذي حدث قبل وأثناء الحرب.
وأوضح فهمي أنه مع تدمير القواعد الإنتاجية وخدمات بنياتها الأساسية، وفقدان أكثر من 70% من المواطنين لمصادر الدخل في ظل الحرب الحالية، كان لا بد من الاعتماد على طباعة النقود لتغطية تمويل المجهود الحربي مع تزايد عمليات تزوير النقد.
وأشار إلى أن معدل التضخم العام تسارع وتجاوز معدلاته الضارة إلى مستوياته المتفشية حالياً، والتي تقدر رسمياً بنحو 300%، وعالمياً بأكثر من 650%.
وتوقع فهمي سيطرة الجيش على كافة مصادر الدخل المتاحة للاقتصاد لتمويل المجهود الحربي، مشيراً إلى أن هذا الوضع كان سائداً قبل الحرب، واستمر بشكل أوسع خلالها.
ويؤكد الخبير عدم توافر معلومات حول أداء ميزانيتي 2024 و2025، واصفاً إياهما بأنهما ميزانيتا حرب.
وأضاف أن الاهتمام بقطاعي الذهب والنفط سيكون من قبل شركات روسية وفق اتفاقيات شراكة الإنتاج التي تم توقيعها خلال زيارة الوفد السوداني إلى روسيا مؤخراً، ما يمكن أن يسهم في تمويل الموازنة العامة.
وأشار إلى صعوبة التنبؤ بحجم الإنفاق على العمليات العسكرية، معتبراً أنها مسألة نسبية تعتمد على نوعية وحجم ومدة كل عملية عسكرية على حدة.
المصدر