إحترامي للحرامي صاحب المجد العصامي
(1)
التساهل مع أكلة المال العام، وانعدام المحاسبة هيأ بيئة ملائمة لنمو (فيروس) الفساد، الذي عرفه الشعب السوداني مع أول حكومة وطنية بعد الاستقلال، ولعلنا نذكر قصة الوزير الفاسد الذي كان ضمن وزراء حكومة الزعيم أزهري ، والذي وثق فيه أهل الشمالية وجمعوا تبرعات لتوصيل الكهرباء وجعلوا أموال التبرعات تحت تصرفه ـ يعني باسمه ـ فسطا ذاك الوزير على أموال التبرعات، وطالت المدة ولم ير المشروع النور، فشكا أهل المنطقة للأزهري، فاستدعاه وباغته بالقول: (الناس بياكلو شي وبجيبو شي، إنت بتاكل القروش كلها..!!!)،فبهت الذي كفر…هل القراء الكرام بحاجة للتذكير بـ (جماعة الهبرو ملو) ، وهؤلاء طبعا معلمين مافيهم (كيشة) بخلي دليل إدانة أو أثر، مش زي الوزير (الغبي) بتاع الأزهري.
(2)
يتراءى لي في أحيان كثيرة أن معظم المشتغلين بالحكم والسياسة وإدارة الدولة في بلادي “فاسدون”، أقول معظمهم ولا اُعمم ، فإما فاسدون مالياً أوإدارياً أوأخلاقياً، أومنحرفون عن المبادئ والشعارات التي يرفعونها، يمارسون المحسوبية والمحاباة واستغلال النفوذ والتستر وحماية المصالح المتشابكة إلا من رحم ربي وقليل ما هم، هذا الفساد الذي اصبح سلوك الأغلبية من النخب السياسية السابقة والذين جاءوا من بعدهم لا يقتصر على حزب سياسي ولا قبيلة ولا منطقة ولا “خشم بيت” هي جينات تنتقل إلى اعضاء النادي السياسي عبر الأجيال، أو هي اشبه بـ “فيروسات” تنتشر بينهم ، وأظن أن القليل جداً منهم يُحظى بقيل من المناعة التي تحصنه من هذه العدوى…وهؤلاء سبب أساسي لما نحن فيه من عوز وفقر وتخلف..
(3)
لكل هؤلاء وأولئك نهدي قصيدة الشاعرعبدالرحمن بن مساعد
والتيجاءت تحت عنوان(احترامي للحرامي) فهي قبعة على مقاسهم تماماً:
صاحب المجد العصامي
صبر مع حنكة وحيطة وابتدا بسرقة بسيطة
وبعدها سرقة بسيطة وبعدها تعدى محيطه
وصار في الصف الأمامي
احترامي للحرامي
صاحب المجد العصامي
صاحب النفس العفيفة صاحب اليد النظيفة
جاب هالثروة المخيفة من معاشه في الوظيفة
وصار في الصف الأمامي
احترامي للحرامي
صاحب المجد العصامي
يولي تطبيق النظام أولوية واهتمام
ما يقرب للحرام إلا في جنح الظلام
صار في الصف الأمامي
احترامي للحرامي
صاحب المجد العصامي
يسرق بهمة دؤوبة يكدح ويملي جيوبة
يعرق ويرجى المثوبة مايخاف من العقوبة
صار في الصف الأمامي
احترامي للحرامي
صاحب المجد العصامي
صار يحكي في الفضا عن نزاهة ما مضى
وكيف امن بالقضا وغير حقة ما ارتضى
صار في الصف الأمامي
احترامي للحرامي
احترامي للنكوص عن قوانين ونصوص
احترامي للفساد وأكل اموال العباد
والجشع والازدياد والتحول في البلاد
من عمومي للخصوص
احترامي
للصوص…
الـلهم هذا قسمي في ما أملك..
نبضة أخيرة
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الـله، وثق أنه يراك في كل حين.
يوسف التاي
صحيفة الانتباهة
مصدر الخبر