أحمد يوسف التاي يكتب: تهريب (3) ملايين جوال قمح
1)
مما استدركه الناس من حديث وزير الزراعة أن الحكومة عاجزة تماماً عن توفير المال لشراء القمح من المزارعين، وهي تعترف بهذا الفشل الذريع وذلك العجز القاتل، وفي ذلك تثبيط لهمم المنتجين وتكسير لمجاديف الإنتاج وتعطيل لعجلاته… وزارة المالية حسب علمنا لم تتخذ حتى لحظة كتابة هذا المقال أية خطوة لتطمين المزارعين بأن الدولة جادة في وعدها بشراء القمح من المزارعين بالسعر المعلن، بل الأسوأ أنها أعطت ضوءاً أخضر للمزارعين لتهريب انتاجهم البالغ (3) ملايين جوال إلى دول الجوار، وذلك بالإشارة التي وردت في حديث المدير العام لمشروع الجزيرة د. عمر مرزوق : ( لم نصدر أي قرار بمنع المزارعين في التصرف في إنتاجهم، فلهم مطلق الحرية في بيع إنتاجهم في السوق الحرة)، لكن مرزوق في نفس الوقت كان قد أبدى (قلقاً) من تهريب (3) ملايين جوال قمح إلى دول الجوار بسبب عجز الحكومة عن توفير المال لشراء القمح… شفتو القلق دا كيف مثل (قلق) الأمم المتحدة ، حكومتنا تشعر بـ(القلق) من احتمال تهريب إنتاجنا الوطني من القمح إلى دول الجوار ولا تفعل شيئاً غير هذا القلق…
(2)
مدير عام مشروع الجزيرة رغم كل شيء كان واضحاً في تحميل وزارة المالية كامل المسؤولية بسبب تماطلها في عدم توفير المال اللازم لشراء المخزون الاستراتيجي من المزارعين، بينما كان وزير الزراعة د. عمر أبوبكر بشرى يتجمل ويبحث عن المبررات والتغطية والتستر على فشل وزارة المالية : (أن جبريل مازال ملتزماً بشراء القمح من المزارعين بالسعر المحدد)… وزير الزراعة ميال لتحميل بنك السودان المسؤولية، وبنك السودان هو إدارة تابعة لوزارة المالية، وهذه الأخيرة لها الولاية الكاملة على المال العام، وإذا كان وزير المالية قد أصدر توجيهاته لمحافظ البنك المركزي ولم ينفذ الأخير التوجيهات ألا يعد ذلك فشلاً لوزير المالية صاحب الولاية على المال العام وبنك السودان وباستطاعته استصدار قرار بإقالة أي مسؤول يعيق استراتيجية الدولة…
(3)
في كثير من الأحيان يخالجنا إحساس بأن المسؤولين في السودان جُبلوا على حب الهبات والمنح والمساعدات الخارجية … تطربهم أخبار شحنات الإغاثة القادمة من وراء البحار، يجتهدون في إراقة ماء وجوههم بـ(الشحدة)، ولو أن الجهد الذي يبذلونه في تسول الدول بذلوا نصفه في توطين زراعة القمح ودعم المزارعين وتشجيع الإنتاج الزراعي المحلي لكنا نحن أصحاب اليد العليا على جميع الدول من حولنا… وإني لأعجب لمسؤولين يعدون الموازنات على فرضية الدعم الخارجي والمنح… وآخرين يبشرون شعبهم بأنهم سيحملون (القَرعة، والمخلاية) للشحدة لإطعام مواطنيهم عِوضاً عن استنهاض السواعد وتفجير الطاقات وشحذ الهمم …
(4)
المسؤولون الذين ينحصر تفكيرهم في استقبال الهبات والمنح والمساعدات الخارجية ويتغافلون عن دعم الإنتاج الوطني وتشجيع المزارعين وتحفيزهم ليسوا جديرين بالمواقع التي يتولونها، وليكن واضحاً في الأذهان أن عِزة السودان وكرامة أهله في ما تنتجه أرضه العذراء عندما تلامس سواعد شبابه، والذل كل الذل في ما يأتي من غذاء في شكل منح وهبات ومساعدات من الخارج، ولا شك أن سياسات الحكومة التي تعيق المنتج وتضع الأغلال على يديه والمتاريس في طريقه، هي ما يفتح الباب واسعاً أمام ذل الإغاثات ورهن الإرادة الوطنية وتقييد حرية القرار السياسي….الـلهم هذا قسمي في ما أملك..
(6)
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الـله، وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة
مصدر الخبر