أحمد يوسف التاي يكتب:تطورات خطيرة في الخطاب العنصري (2)
(1)
مازلتُ أنظر إلى مستقبل وحدة التراب السوداني من خلال الخطاب العنصري الذي شهدته الساحة السودانية خلال الأسبوعين الماضيين من جانب قيادات دارفورية رفيعة كنا نعدهم من الأخيار ودعاة الوحدة بدءاً بالحديث العنصري لجمعة الوكيل مساعد قائد جيش تحرير السودان من خلال ندوه سياسية أقيمت بأمبدة أشار فيها إلى أن هناك وزارات ظلت سيادية وحكرا علي أبناء الشمال فقط، وانتهاء بالخطابات العنصرية الأخيرة المغلفة بعبارة (ناس الخرطوم) والتي تعني ماعناه جمعة الوكيل (أبناء الشمال) ومن قبله (أحاديث العمارات) التي اتسقت أفكار مطلقوها ، فالذي نهى عن عدم تكسيرها وهدمها أمر بالإستيلاءعليها وأخذها، وهل يختلف هذا عن الذي هدد بتحويلها إلىسكن لـ (الكدايس) .
(2)
العامل المشترك بين أساليب ومفردات تلك الخطابات أنها تعبوية تحريضية لتعبئة البسطاء من أبناء دارفورو والتهديدبهم واستخدامهم لتحقيق أجندةوأطماع أرباب الخطابالعنصري وهم يشعلون النيران على مقربة من “العويش”..والمصيبة الكبرى أن من يقودون عربات الإطفاء هم من يشعلون أعواد الثقاب ويوقدون نيران الحرب عِوضاً عن الإطفاء ، وهل الحربُ إلا أولها كلام ….والمصيبة الأكبر أن الذين يمسكون بخراطيم المياه يسكبون الزيت على وميض النيران بدلاً عن الماء…. مهاترات وملاسنات وإساءات بين شركاء الحكم ، ومرارات تطفو على فُقاعات الكلام والهواء الساخن الذي يخرج من “أجواف” جوفاء خالية من الحكمة والحنكة والأناءة…
(3)
لم يمر السودان بأزمات سياسية واقتصادية وأمنية مثل التي تأخذ بتلابيبه اليوم ، الآن نحن السودانيون وبدون أية مبالغة وتهويل نقف على شفير هاوية نقترب من السقوط في دركها السحيق ، فهل كل السودانيين يعون خطورة هذا الوضع المتفجر..؟ وهل كل السودانيين يفكرون في عواقب استمرار هذه الأزمات المتصاعدة ولاتحدثهم أنفسهم بمايجب فعله لإطفاء الحرائق.؟؟!!! للأسف الشديد السودان الآن يشتعل… حرائق في كل أركانه، وشرر يرقد تحت الرماد ويوشك أن يكون له ضرامُ، ومع ذلك دعاة العنصرية والكراهية يزيدون الطين بلة…
(4)
في الشرق تهدد قومية البجا بالإنفصال وإعلان دولة البجا المستقلة ويصطف طائفةٌ من الناس مع الناظر ترك وأعوانه (راجعوا التصريحات)…وفي دارفور يهدد حاكم دارفور “مناوي” رجل الدولة بالإنفصال تلميحاً وتصريحاً ويقول الإنفصال الإجتماعي قد وقع بالفعل …وقد هدد مناوي في وقت سابق بتجاوز الحكومة المركزية في الخرطوم إذا استمرت فيما سماه ” التلكؤ” في تنفيذ بند الترتيبات الأمنية… ويتسق مع هذا التهديد ما قضى به اجتماع الفاشر الذي جمع مناوي وولاة دارفور الخمسة حيث قرر الإجتماع استعجال تنفيذ الترتيبات الأمنية حتى لو تم ذلك بمعزل عن الحكومة المركزية في الخرطوم… التهديد بتجاوز الحكومة المركزية يمكن أن يُفهم بأنه إعلان الاستقلال بإقليم دارفور بعيداً عن حكومة المركز؟…
(5)
وفي الشمال باتت الدعوة لقيام دولة البحر والنهر علنيةً جهيرةً…وفي جنوب كردفان يرهن عبد العزيز الحلو البقاء في سودان موحد بقبول العلمانية وإلا فتقرير المصير والإنفصال…السودان الآن جاهز للتقسيم والفصل بين أجزائه…والأعداء المتربصين بثورته ووحدته يقعدون له كل مرصد، ويوشكون أن ينقضوا عليه كما ينقض الوحش الكاسر على فريسته…
(6)
يا قادة السودان الذين وضعتكم أقدارنا التعيسة في مقدمة الركب أنتم مسؤولون عن كل ما يحث لهذه البلاد وشعبها وثورتها المستهدفة ، تحملوا مسؤولياتكم التأريخية افعلوا كما يفعل القادة العظماء، لا كما يفعل النشطاء ومراهقي السياسة في أركان النقاش بالجامعات ..القائد لابد له من صبر طويل المراس وأناءة وحكمة وتحمل،لاتحركه الإشارة ولاتستفزه كلمات خرجت عن الِّلياقة واللباقة، ولاينتصر لذاته بل للحق والعدل وخير الناس، وتذكروا أن الخطاب العنصري شر وفتنة لا بد من استئصالها قبل كل شيء … اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.
صحيفة الانتباهة
مصدر الخبر