السياسة السودانية

عبد الله مسار يكتب: السفير الأمريكي في الخرطوم

أمريكا الدولة العظمى في العالم، ظلت لثلاثين عاماً دون سفير في السودان، مرة سفير بالتكليف، ومرة قائم بالأعمال، ومرة سفير دولة لها تمثيل وتقوم بدور أمريكا في السودان.
وطيلة الثلاثين عاماً التي حكم فيها البشير، ظلّت أمريكا تُناصب السودان العداء، لأنّ السودان دولة مارقة وفق معايير أمريكا وتصنيفاتها، ولأنّ الخرطوم تحكم على أساس نظام حكم إسلامي يعتمد على نفسه ويسعى جاداً أن يحافظ على استقلاليته دون تبعية لشرق أو غرب، بل يبحث عن مصالح شعبه دون أن يكون تابعاً لهذا أو ذاك، وبذلك هو خارج عن طوع الكبار الذين يعتقدون أنهم الله في الأرض.
ظلت أمريكا طيلة سنين الإنقاذ تُعادي السودان وتسعى لتغيير نظام الحكم في الخرطوم، ولتصل إلى ذلك جنّدت بعض أبناء السودان لهذا الغرض، بل جعلت بعضهم يدبج العرائض بالشكاوى ضد السودان باسم حقوق الإنسان والإرهاب وارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بل فرضت أمريكا وصديقاتها حصاراً اقتصاداً حاداً على السودان، وأوقفت عنه المُساعدات، ومنعت الآخرين في الاستثمار بالسودان، حتى شركة شيفرون أوقفت العمل في التنقيب عن البترول في السودان رغم ضخامة المخزون، وسمحت بذلك لشركات أخرى تعمل في السودان كالشركات الصينية والماليزية، رغم هذا الحصار استطاع السودان أن يستخرج البترول ويزيد عليه بالتعدين في الذهب، بل حرّضت أبناء السودان لقيام حركات مسلحة ليتحارب أبناء السودان فيما بينهم، ورفعوا السلاح في وجه بعضهم بعضاً حتى دفع ذلك إلى فصل جنوب السودان من شماله، وما أن انتهت الحرب بين الجنوب والشمال، حتى قامت الحرب في دارفور وجنوب كردفان (جبال النوبة)، وكذلك النيل الأزرق، بل عملت لتقديم بعض قيادات السودان إلى المحكمة الجنائية الدولية بدعاوى الإرهاب وانتهاك حقوق الإنسان وجرائم ضد الإنسانية.
الآن حل سفير الولايات المتحدة في الخرطوم، وجاء إلى السودان في ظل السودان دولة منهكة، التي أصابها الخراب والدمار، وجاء إليها حكام مزدوجو الجنسية، حظ السودان منهم الميلاد فقط، حتى شهادة الميلاد، عفواً والجنسية أردفوا عليها أخرى أجنبية ويتباهون ويفتخرون بذلك!!!
جاء السفير الأمريكي والسودان في أسوأ ظروفه،
السودان الذي هزم بريطانيا الإمبراطورية التي لا تغيب الشمس عنها، بل البلد التي لم تستكن لأي استعمار أو استبداد، البلد التي راح في أمر كان فيها غردون، إنها السودان.
السودان الذي قاد وساعد كل حركات التحرر في افريقيا والعالم العربي، إنها الخرطوم صاحبة اللاءات الثلاثة، وإنها من مؤسسي حركة دول عدم الانحياز، ومؤتمر باندونغ شاهد على ذلك، إنها الخرطوم التي لم (تدنقر رأسها) أبداً وظل مرفوعاً في كل الأزمنة.
السيد السفير.. الخرطوم تُرحِّب بك دبلوماسياً يخدم مصلحة بلده، ويسعى لاحترام السودان بلداً وإنساناً.. الخرطوم تُرحِّب بك دبلوماسياً يعرف حدود تفويضه ومسؤوليته ولا يتدخْل في شؤون السودان الداخلية، ولا يقف مع أي طرفٍ من أطراف السودان..
الدبلوماسي الذي يحترم أهل ومؤسسات السودان.. الدبلوماسي الذي يُراعي مصالح بلده دون أن يتجاوز ذلك لأخرى ويحرص على احترام القوانين والأعراف الدولية التي تنظم العلاقة بينه والدولة المُضيفة.
احرص أيُّها السفير على العلاقة بين البلدين في حدود القانون، خاصةً وأنّ علاقة السودان وامريكا في زمن قريب لا تسر، وخاصة أن العالم كله متغيرٌ.
مرحباً بك سفيراً فقط، ليس سيداً ولا مستعمراً، واعلم أن الأيام دولٌ، اليوم لكم وغداً عليكم.. كم إمبراطوريات في العالم سادت ثم بادت، إنها السنن الكونية.
والحرب الأوكرانية – الروسية نذير تغيير كبير وخطير وسريع في العالم، وأمريكا محتاجة إلى أصدقاء وليس خصوماً.
والسودان موقعاً وسكاناً ومَوَارِدَ مُؤهّلٌ لدورٍ مُهمٍ في المُستقبل.

صحيفة الصيحة

ehtimamna


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى